[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  مِسْكِينٍ}(١) {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}(٢) فبين تعالى بذلك أن من أطاق ذلك فعليه الفدية، فلا يخلو من أن يريد: من أطاقه وفعله(٣)، أو من أطاقه فلم يفعله. وقد علمنا أن فاعل الصوم لا فدية عليه، فالمراد هو الثاني، وذلك يدل على أن من لا يصوم قد يطيق الصوم، وهذا يدل على أن القدرة(٤) قبل الفعل، وأن العاصي يقدر على الإيمان.
  وقوله تعالى: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} يدل على أنه متمكن من أن يفعل الصوم وإن لم يفعله وعدل عنه إلى الفدية، ولذلك قال بعده: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ومن لا يمكنه إلا الصوم لا يصح أن يوصف بذلك.
  ٦١ - دلالة أخرى: وقال تعالى:(٥) {وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(٦) فبين «ø أنه(٧) لا يريد العسر «الذي يحتمل المشقة في الصوم(٨)، وأنه يريد اليسر الذي هو الإفطار. وقد علمنا أن في الناس من يتحمل المشقة ويفعل الصوم، وقد بين تعالى أنه لا يريد ذلك. فذلك يدل على أن في أفعال العباد ما لم يرده تعالى إذا لم يكن طاعة، ولهذا، قال صلّى اللّه عليه،
(١) في النسختين: مساكين.
(٢) من الآية ١٨٤، وتتمتها: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
(٣) د: فعله.
(٤) في د: الفدية. وانظر: الفقرة ١٣.
(٥) د: ø.
(٦) من الآية ١٨٥، وفي النسختين: فمن كان. وفي: ف {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ}.
(٧) د: أنه ø.
(٨) د: الذي هو تحمل المشقة ويفعل الصوم.