[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  رأى العين، وإلا فقد ثبت أنهم أعزّاء(١)، وأنه تعالى أمر بتعظيمهم، والرفع من أقدارهم، فلا يصح إطلاق هذه الكلمة فيهم.
  وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} يعنى: لكي تشكروا، وذلك يدل على أنه تعالى أراد من جميعهم الشكر على ما تقدم ذكره(٢).
  ثم يقال للقوم؛ يجب على قولكم ألا يكون لما فعله تعالى من إمدادهم بالملائكة ونصرتهم لهم بهذا الوجه فائدة؛ لأنه إن فعل في العدو الهزيمة فوجودهم كعدمهم، وإن لم يفعل ذلك فكمثل. فأي فائدة في هذا الفعل من اللّه تعالى؟ وكذلك القول في سائر وجوه النصرة، إنه على قولهم لا فائدة فيه.
  ويجب في التحقيق أن يكون تعالى أنزل الملائكة وفعل سائر وجوه النصرة لكي يخلق في المؤمنين الظفر وفي المشركين الهرب، وهو تعالى قادر على ذلك على كل حال، فيجب أن يكون ذلك عبثا.
  ١٢٣ - وقوله تعالى بعد ذلك. {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}(٣) يجب أن يحمل على ما قلناه، وفيه من الفائدة أن يبين أن الواجب عليهم الانقطاع إلى اللّه تعالى وطلب النصرة «من قبله(٤) وأن يعلموا أنهم إذا لزموا الطاعة وطريقة الاستقامة فهو سينصرهم لا محالة، وقد بينا من قبل أن وقوع الغلبة بالمؤمن لا يخرجه من أن يكون منصورا(٥)، من حيث يستحق الثواب ويؤديه ذلك إلى منافع، ولا يخرج العدو من أن يكون مخذولا، من حيث يستحق العقاب العظيم الذي يصغر بالإضافة إليه ما لحق قلبه من السرور بالغلبة.
(١) د أعزواه
(٢) انظر الفقرة: ٣٤
(٣) من الآية: ١٢٦.
(٤) ساقط من د.
(٥) الفقرة: ٩٨ السابقة.