متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 157 - الجزء 1

  ويضيفه إليهم، بل هذا أعظم؛ لأن من أكره «على الفساد⁣(⁣١) يجوز على بعض الوجوه ألا يختاره إذا تحمل المشقة وآثر الصبر العظيم للثواب والمنفعة، ولا يصح ذلك من العبد إذا خلق اللّه فيه قدرة الظلم ونفس الظلم، فكيف يجوز والحال هذه أن يوصف بأنه الظالم لنفسه وينزه القديم عن ذلك. وهذا بيّن في أنه تعالى لا يختار فعل الظلم البتّة، وأن ذلك من فعل العباد، وأنه يصح منهم إيثار العدل على الظلم، فمتى أقدموا على الظلم ذموا ووصفوا⁣(⁣٢) بأنهم ظلموا أنفسهم.

  ١٢٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعد ما يدل على أن ظفر المؤمن بالكافر من قبله تعالى فقال: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}⁣[١٢٣].

  والجواب عن ذلك: أنا قد بينا وجوه النصرة⁣(⁣٣)، وأنها تكون من اللّه تعالى إذا كانت بالفلج بالحجة، وإذا كانت بالظفر بالعدو، وإذا كانت بالإمداد بالملائكة، أو بإلقاء الرعب في نفس العدو، أو بتقوية قلب المؤمن بالألطاف⁣(⁣٤) وغيرها.

  فإذا صح ذلك فيجب أن يضاف النصرة يوم بدر إلى اللّه تعالى؛ لأنه نصر الرسول صلّى اللّه عليه والمؤمنين مع قلة عددهم، من حيث أمدّهم بالملائكة على الكفار، مع كثرة عددهم.

  وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} يعنى: عند الكفار، من حيث قل عددهم في


(١) ساقط من د.

(٢) د: ووصفهم.

(٣) انظر الفقرة ٩٨

(٤) د: بألطاف