[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  يفعل شقاق بينهما فنصب الحكمين في ذلك عبث، وإرادتهما الإصلاح كمثل، لأنه متى فعل ذلك حصل(١) ما بينهما من الشقاق، كان ذلك من الحكمين أو لم يكن، و(٢) إن لم يختر تعالى ذلك فيهما لم يحصل بينهما شقاق كان الحكمان وإرادتهما الصلاح أو لم يكونا، فما الفائدة على قولكم في بعثة الحكمين ونصبهما وإرادتهما الصلاح؟ ويجب ألا يكون للتوفيق معنى، لأنه تعالى إن خلق فيهما قدرة الشقاق، فلو فعل من الألطاف ما لا نهاية له لم يقع منهما الإصلاح، وإن لم يخلق ذلك وقع، فما الفائدة في التوفيق؟
  وكيف يجوز أن يعلق التوفيق بإرادة الصلاح على مذهبهم، وإنما يجب أن يكون موقوفا على خلق قدرته تعالى فيهما على ذلك، لأنه إن لم يخلقها(٣) لم يوجد التوفيق وإن أرادا(٤) الإصلاح، وان خلقها وجد وان لم يريدا(٥)، فكيف يجعل ذلك كالشرط؟ وإنما يصح ذلك على قولنا من حيث قد علم من حال المكلف أنه قد يختار الأفعال عند دواع وأغراض، وقد تكون من فعله ومن فعل غيره ومن خلق اللّه تعالى، فإذا علم تعالى ذلك من حاله صح أن يخبر عنه.
  ١٥٥ - دلالة: وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها ...}[٤٠] دل على أنه تعالى لا يختار فعل القبيح على وجه من الوجوه، لأن ذلك مبالغة في نفى القبائح عنه وتنزيهه عن الظلم. وقد بينا القول في ذلك وشرحناه(٦)، ومن عجيب الأمور أن ينزه نفسه عن «أن يظلم(٧)
(١) ف: وحصل.
(٢) ف: أو.
(٣) في د: يخلقهما.
(٤) د: أراد.
(٥) د: يرد.
(٦) انظر الفقرة: ١٢١ والفقرة ١٤٥.
(٧) د: الظلم.