متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 202 - الجزء 1

  وان خص تعالى أحدهما بالذكر في هذه الآية، ولا يمكن حمل الكلام على⁣(⁣١) الكافر إذا قتل متعمدا، من وجهين:

  أحدهما: أنه عام، لأن لفظة «من» إذا وقعت في المجازاة كانت شائعة في كل عاقل.

  والثاني: أنه تعالى جعل ذلك جزاء لهذا الفعل المخصوص، ولا يعتبر بحال الفاعلين، بل يجب متى وقع من أي فاعل كان⁣(⁣٢)، أن يكون هذا الجزاء لازما له.

  فإن قال: أراد: فجزاؤه جهنم إن اختار ذلك، أو⁣(⁣٣) إن جازاه⁣(⁣٤)، أو⁣(⁣٩) إن لم يشفع فيه.

  [قيل له: إن] ذلك يبطل؛ لما فيه من العدول عن الظاهر، ولأنه يوجب دخول هذا الشرط في قوله: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ}⁣(⁣٥) والأمة بخلافه، ولما ذكرنا أن الجزاء اسم للواقع، فمتى شرط ذلك فيه تناقض!

  ١٦٩ - دلالة: وقوله تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا}⁣[٩٨] يدل على أنه تعالى لا يجوز أن يكلف العبد ما لا يطيقه؛ لأنه تعالى عذرهم؛ من حيث كانوا في حكم الممنوعين وفي أيدي غيرهم كالمأسورين، في ترك الهجرة، وأزال⁣(⁣٦) عنهم العذاب والذم، مع أنهم على بعض الوجوه كان يمكنهم المهاجرة، فكيف


(١) ف: على أن.

(٢) د: كان يجب.

(٣) ف: و.

(٤) في د: أجازاه.

(٥) تتمة الآية السابقة: {... وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً} ٩٣.

(٦) د: وإن زال.

(٩) ف: و.