[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  الكلام دالا على الماضي غير مؤذن بالاستقبال، ولما صح أن يكون ذلك جزاء وعقابا، ولا أن يجرى مجرى الذم والتخويف من الكفر، وهذا بين.
  ١٧٦ - دلالة: وقوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً}[١٤٤] يدل على أنه لا يعذب إلا من يستحق العذاب، وأنه إذا لم تكن عليه الحجة لم يحسن في الحكمة تعذيبه؛ لأنه تعالى نهاهم أن يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين. ثم قال: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً} وقد علمنا أنه لم يرد اقتداره عليهم، لأن ذلك حاصل على كل حال، أتخذوهم أولياء أو اتخذوا المؤمنين. فالمراد بذكر السلطان الحجة.
  وهذا يبين أنه تعالى لا يعاقب إلا من الحجة للّه تعالى عليه ظاهره، ولو أنه كلف من لا يقدر لم يصح ذلك، لأنه يجب أن تكون الحجة له على اللّه، على كل وجه، من حيث لم يزح علته فيما كلفه، ولا أوجد له السبيل إليه.
  وهذا ظاهر.
  ١٧٧ - دلالة: وقوله تعالى: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}[١٤٨] يدل على أن ما يقع(١) من الجهر بالسوء من القول من العباد لا يجوز أن يكون مريدا له، لأن المحبة فيه تعالى هو، بمعنى الإرادة.
  وهكذا حقيقتها فينا وإن استعملت توسعا في باب الشهوة، والشهوة تستحيل على اللّه تعالى. فأما استعمالها بمعنى المدح فبعيد(٢)، لأن الإنسان قد يحب من يذم
(١) ف: ما يفعل.
(٢) انظر الفقرة: ٦٤ مع التعليق.
(م - ١٤ متشابه القرآن)