متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 242 - الجزء 1

  وكان لا يصح أن يصفهم بأنهم كذبوا بآياته وغفلوا عنها! وكل ذلك يبين صحة ما قلناه.

  ٢٠٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن أهل الآخرة يكذبون في الآخرة، فقال: {وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ}⁣(⁣١)

  والجواب عن ذلك: أنه تعالى حكى عنهم من قبل تمنى الرجوع، فقال:

  {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[٢٧] {بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ}⁣(⁣٢) من وقد علمنا أن الكذب لا يقع في التمني، وإنما يقع في الأخبار؛ لأن القائل إذا قال: لئن حضرني فلان وحادثى، فسواء حضر أو لم يحضر، فإن قوله لا يوصف بصدق ولا كذب، فلا يجوز إذا أن يكونوا كاذبين فيما خبر عنهم أنهم تمنوه من ردهم إلى الدنيا، وأن لا يكذبوا بآيات ربهم، وأن يكونوا من المؤمنين؛ لأن جميع ذلك وقع على حد التمني، فإذا يجب أن يكون إنما وصفهم بأنهم كاذبون في دار الدنيا⁣(⁣٣).

  وقوله تعالى من بعد - على جهة الحكاية عنهم - {وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا}⁣(⁣٤) يدل على ما قلناه؛ لأنه حكاية عنهم في الدنيا دون الآخرة، ولأنهم لا يجوز أن ينكروا الإعادة وقد أعيدوا في المحشر!

  فإن قال: كيف يجوز أن يقول تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ}


(١) من الآية: ٢٨.

(٢) من الآية: ٢٨ وتتمتها ما سبق.

(٣) انظر أمالي المرتضى ٢/ ٢٧٢

(٤) من الآية: ٢٩ وتتمتها: {وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}.