[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وقوله تعالى: {وَهَدَيْناهُمْ} يعنى بالدلالة والبيان، وذلك أيضا من فعله.
  ٢١٩ - وقوله تعالى: {ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ...}[٨٨] قد(١) يجوز أن يحمل على معنى الدلالة، كأنه قال تعالى هي أدلته الدالة على طاعته وعبادته، يهدى بها من يشاء من المكلفين.
  ويحتمل أن يريد به الفوز والنجاة، على ما بيناه من قبل.
  ٢٢٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه خلق أعمال العباد، فقال: {بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١٠١ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ...}[١٠١ - ١٠٢] وهذا وما تقدم مما لا ريب في عمومه، فيجب دخول اكتساب العبد تحته.
  والجواب عن ذلك: أن ظاهر قوله: {وَخَلَقَ} يقتضى أنه قدّر، ودبر، ولا يوجب في اللغة أنه فعل ذلك وأحدثه(٢)، ولذلك قال الشاعر:
  ولأنت تفرى ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفرى(٣)
(١) في د: وقد.
(٢) قال ابن قتيبة: «وأصل الخلق: التقدير، ومنه قيل: خالقة الأديم» تأويل مشكل القرآن، ص: ٣٨٨، وفي اللسان: «والخلق: التقدير، وخلق الأديم يخلقه خلقا:
قدره لما يريد قبل القطع وقاسه ليقطع منه مزادة أو قربة أو خفا»
١٠/ ٨٧ طبع بيروت.
(٣) البيت لزهير بن أبي سلمي، ولم ينسبه المؤلف في «المغنى» ٧/ ٢٠٩. ونسبه في «شرح الأصول» ص: ٣٨٠، والبيت في شرح ديوان زهير، طبعة دار الكتب، ص: ٥٤ وتفسير الطبري: ١٨/ ٩، وتأويل مشكل القرآن: د ٣٨٨، ولسان العرب: ١٠/ ٨٧، وفيه في شرح البيت يقول: (أنت إذا قدرت أمرا قطعته وأمضيته، وغيرك يقدر ما لا يقطعه؛ لأنه ليس بماضى العزم، وأنت مضاء على ما عزمت عليه).
وفي خطبة الحجاج المشهورة: (ولا أخلق إلا فريت).