[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  فأثبته خالقا من حيث قدر ودبر، وإن لم يفر الأديم.
  ومتى حمل الكلام على هذا الوجه كان حقيقته: أنه تعالى وإن لم يحدث أفعال العباد، فقد قدرها ودبرها وبين أحوالها، فهذا وجه.
  وقد قال بعض العلماء: إن هذه اللفظة في الإثبات ليس المقصد بها التعميم، كما يقصد ذلك في النفي؛ لأن القائل يقول: أكلت كل شيء، وتحدثنا بكل شيء، وفعلت كل شيء، وقال تعالى: {تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ}(١) و {ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ}(٢) وقال تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها}(٣) وقال:
  {يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ}(٤) وإنما المقصد بذلك المبالغة في الكثير من ذلك النوع المذكور، قال: ولا يعرف هذا(٥) الكلام في باب الإخبار عما يفعل الإنسان عما يحدث من الأمور مستعملا إلا على هذا الوجه، فلا يصح أن يدعى فيه العموم، فهذا وجه ثان.
  ومما يقال في ذلك: وقوله تعالى: {خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} على ما يصح أن يقدر عليه فيجب أن يبين أن(٦) أفعال العباد يصح ذلك فيها(٧) حتى يتضمنها العموم، كما أن الدلالة العقلية إذا دلت على أنه تعالى يفعل أمورا، فإنما تدل بعد تقدم العلم(٨) بأن كان قادرا عليها. وما ترتب على شرط غير مذكور تجب معرفته، لا يمكن ادعاء العموم فيه.
(١) قال تعالى: {وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ} من الآية: ٨٩ في سورة النحل.
(٢) من الآية: ٣٨ في سورة الأنعام.
(٣) من الآية: ٢٥ في سورة الأحقاف
(٤) قال تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ}. من الآية:
٥٧ في سورة القصص.
(٥) في د: وهذا.
(٦) ساقطة من د.
(٧) في د: منها.
(٨) ف: العقل.