متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 252 - الجزء 1

  فأثبته خالقا من حيث قدر ودبر، وإن لم يفر الأديم.

  ومتى حمل الكلام على هذا الوجه كان حقيقته: أنه تعالى وإن لم يحدث أفعال العباد، فقد قدرها ودبرها وبين أحوالها، فهذا وجه.

  وقد قال بعض العلماء: إن هذه اللفظة في الإثبات ليس المقصد بها التعميم، كما يقصد ذلك في النفي؛ لأن القائل يقول: أكلت كل شيء، وتحدثنا بكل شيء، وفعلت كل شيء، وقال تعالى: {تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ}⁣(⁣١) و {ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ}⁣(⁣٢) وقال تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها}⁣(⁣٣) وقال:

  {يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣(⁣٤) وإنما المقصد بذلك المبالغة في الكثير من ذلك النوع المذكور، قال: ولا يعرف هذا⁣(⁣٥) الكلام في باب الإخبار عما يفعل الإنسان عما يحدث من الأمور مستعملا إلا على هذا الوجه، فلا يصح أن يدعى فيه العموم، فهذا وجه ثان.

  ومما يقال في ذلك: وقوله تعالى: {خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} على ما يصح أن يقدر عليه فيجب أن يبين أن⁣(⁣٦) أفعال العباد يصح ذلك فيها⁣(⁣٧) حتى يتضمنها العموم، كما أن الدلالة العقلية إذا دلت على أنه تعالى يفعل أمورا، فإنما تدل بعد تقدم العلم⁣(⁣٨) بأن كان قادرا عليها. وما ترتب على شرط غير مذكور تجب معرفته، لا يمكن ادعاء العموم فيه.


(١) قال تعالى: {وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ} من الآية: ٨٩ في سورة النحل.

(٢) من الآية: ٣٨ في سورة الأنعام.

(٣) من الآية: ٢٥ في سورة الأحقاف

(٤) قال تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ}. من الآية:

٥٧ في سورة القصص.

(٥) في د: وهذا.

(٦) ساقطة من د.

(٧) في د: منها.

(٨) ف: العقل.