[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  والجواب عن ذلك: أن إفراده ذكر الأمر عن ذكر الخلق لا يدل على أنه غير داخل في الخلق، وإنما يدل على أنه غير مراد بما تقدم ذكره، بحق العطف الذي يقتضى أن المعطوف غير المعطوف عليه، فلا يصح تعلقهم بالظاهر. وقد ذكر تعالى لذلك نظائر، فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ}(١) وإن كان الإحسان داخلا في العدل، وكذلك الفحشاء تدخل في المنكر، وإن ميز بين ذكرهما. وقال تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً}(٢) والنذير هو البشير. وقال تعالى: {مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ}(٣) وهما من جملة الملائكة. وكل ذلك يشهد لما ذكرنا بالصحة.
  وبعد، فإن الخلق في اللغة غير المخلوق، وإن كان في التعارف يوضع أحدهما موضع الآخر، ولذلك جاز في اللغة أن يقال: هو خالق وليس بفاعل(٤) لما قدر.
  قال الشاعر:
  ولأنت تفرى ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفرى(٥)
  فأثبت له الخلق ولم يقطع(٦) ما قدره، فإذا صح ذلك لم يمتنع أن يكون الأمر غير الخلق، ويكون مع ذلك مخلوقا على ما قدمناه.
= وقال {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ} إلى آيات كثيرة، ثم وصف ما قاله الأشعرية بأنه «باطل متيقن» انظر المغنى: ٧ (خلق القرآن) ص: ١٧٦ - ١٧٨ الفصل:
٢/ ١٦٩.
(١) من الآية: ٩٠ في سورة النحل.
(٢) من الآية: ١٠٥ في سورة الإسراء، والآية: ٥٦ في سورة الفرقان.
(٣) من الآية: ٩٨ في سورة البقرة.
(٤) ساقطة من د.
(٥) انظر الفقرة: ٢٢٠.
(٦) د: لم يقع.