[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وبعد، فإن «الأمر» يطلق في اللغة على وجهين: أحدهما: قول القائل لغيره: افعل، وهذا لا بد من كونه حادثا؛ لأن بعض حروفه يتقدم بعضا، ويتواتر حدوثه.
  والثاني: بمعنى الأفعال الواقعة، وهذا أيضا يقتضى حدوثه وكونه مخلوقا إذا كان من فعله تعالى.
  فكيف يصح أن يقال لما أفرد تعالى ذكر الأمر عن الخلق: وجب أن يكون قديما غير محدث؟
  وأما إثبات أمر لا يعقل ولا يكون منظوما من حروف، فلا يعرف في اللغة، وما هذا حاله لا يصح دخوله تحت الخطاب.
  فأما التعلق بذلك في أنه لا يصنع للعبد فبعيد، لأنه تعالى بين أن له الخلق والأمر، ولم يعم في الكلام جميع ما يسمى أمرا وخلقا، فلا يصح التعلق بالظاهر.
  وقد بينا أن إضافة الشيء إليه باللام قد يكون «على معنى الفعلية وعلى(١) وجوه كثيرة، فلا يصح التعلق بظاهره بأن له الخلق والأمر من جهة الفعلية.
  وقد بينا أن أفعال العباد قد تضاف إليه، فيقال: إنها له، من حيث يوصف بالقدرة على المنع منها، وعلى التمكين والتخلية منها، إلى غير ذلك مما بيناه(٢).
  وبعد، فإن لفظة الخلق والأمر، تفيد كونهما واقعين؛ لأن المعدوم لا يسمى بذلك، ومتى حمل على الواقع لم يصح أن يراد به القدرة عليه؛ فلا بد من حمل
(١) د: بمعنى الفعلية على. وانظر الفقرة: ٨٥.
(٢) انظر الفقرة: ٤٢ والفقرة: ٧٠.