متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 288 - الجزء 1

  لهم العود في الملة إذا شاء تعالى، وذلك يدل على أنه لو لم يشأ ذلك لم يكن لهم العود، وعلى قولهم: إنه تعالى إذا أمرنا بالشيء فللعبد أن يفعله وإن لم يرده البتة.

  ٢٥٨ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه الفاعل لما يكتبه العبد، فقال: {ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا ...}⁣[٩٥] فأضاف تبديل أحدهما بالآخر إليه، وذلك لا يصح إلا وهو الفاعل لهما.

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أن ما قد وقع سيئة يجعلها تعالى حسنة، وهذا مما لا يصح القول به، لان إبدال الفعل بالفعل إنما يصح، ولما يقع، لأن من يجوز البدل في الكفر والإيمان إنما يجوز على جهة التقدير، ولا يحكم بأنه قد وقع وكان.

  وبعد، فإن الظاهر يقتضى أنه تعالى قد بدل مكان كل السيئات الحسنات، وهذا يوجب أن الكفار قد حصلوا على الحسنات، وكذلك كل من أقدم على السيئة، وليس ذلك بقول لأحد على وجه!

  والمراد بذلك: أنه تعالى بدل مكان ما كانوا عليه من القحط والشدة وضروب المضار والمصائب، الخصب والرخاء وضروب المنافع، على طريقة العرب⁣(⁣١) في تسمية «ما ظهر⁣(⁣٢) فيه - في الحال - المنفعة بالحسنة، وضد ذلك بالسيئة، ولذلك قال تعالى بعده: {وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ}⁣(⁣٣). وذلك لا يليق إلا⁣(⁣٤) بما ذكرناه.

  ٢٥٩ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يمنع من الإيمان


(١) ساقطة من د.

(٢) في د: بأظهر ما ظهر.

(٣) من تتمة الآية السابقة: ٩٥.

(٤) ساقطة من د.