[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  فإذا انقسمت المسألة إلى ما ذكرناه وإلى غيره من الوجوه، فكيف يصح أن يستدلوا بوقوعها من موسى # على أن الرؤية على اللّه جائزة؟!
  وقد اختلفت أجوبة شيوخنا رحمهم اللّه في ذلك، فمنهم من قال إنما سأل ذلك عن لسان قومه، لأنهم سألوه ذلك فأجابهم بأن الرؤية لا تجوز عليه، فلم يقنعوا بجوابه، وأرادوا أن يرد ذلك من اللّه تعالى «ولذلك قال تعالى: {يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} ولذلك قال تعالى(١): {أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا}(٢) ولو كانت المسألة صدرت عنه لأمر يخصه لم يجز أن يقول ذلك، وقد بينا أن السائل إذا سأل لأجل غيره حسن أن يسأل ما يعلم أنه محال؛ لكي يرد الجواب فتقع به الإبانة، إذا كان عنده أن ذلك إلى زوال الشبه أقرب.
  ولا يمتنع، وإن سأل عن لسان قومه، أن يضيف السؤال إلى نفسه، كما يفعله من يشفع منا لغيره، لأنه يصيف المسألة إلى نفسه، والفائدة في ذلك أن يحقق ما يرد من الجواب، كأنه له ولأجله.
  فإن قال: فلما ذا تاب إن كان إنما سأل عن قومه، وذلك مما لا يعد خطأ فيتوب منه؟.
  قيل له: ليس في ظاهر قوله: {قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} أنه تاب من المسألة، فمن أين أن(٣) الأمر كما سألوا عنه؟
  وإنما تاب عندنا لإقدامه على المسألة مع تجويز أن يكون الصلاح في خلافه
(١) هذا المقدار ساقط من د.
(٢) من الآية: ٥٥.
(٣) ساقطة من د.