[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وليس للأنبياء - فيما يظهر الحال فيه لأممهم - أن يقدموا عليه إلا بعد إذن منه تعالى فلذلك تاب، لا لنفس المسألة.
  فإن قال: فإن كان الأمر كما قلتم فلما ذا عاقبه تعالى؟
  قيل له: ليس في الكلام ما يدل على أن ما فعل به خاصة هو عقوبة، ويجوز أن يكون امتحانا كالأمراض والأسقام.
  فإن قال: فإذا كان إنما سأل عن لسان قومه، فكيف يكون قوله تعالى:
  {لَنْ تَرانِي} جوابا؟.
  قيل له: إذا صح في السؤال أن يضيفه إلى نفسه، والمقصد به غيره، على ما بيناه، لم يمتنع أن يرد الجواب على الحد الذي وقع السؤال عليه!:
  وقد قيل: إنه التمس من اللّه تعالى أن يعرفه نفسه ضرورة بقوله: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} لأن الرؤية قد تنطلق على المعرفة، فكأنه قال: عرفني نفسك باضطرار لأكون عن الشبه أبعد، وإلى السكون والطمأنينة أقرب، وأراد(١) أن يظهر تعالى من الآيات العظيمة ما عنده تحصل هذه المعرفة، فذكر(٢).
  نفسه في قوله: {أَنْظُرْ إِلَيْكَ} وإنما أراد الآيات التي يحدثها، فقال تعالى:
  {لَنْ تَرانِي} مبينا له أن مع التكليف لا يجوز أن يعرفه باضطرار!
  وقوله: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} يعنى: فلما أظهر لأهل الجبل ما يقتضى المنع مما سأله جعله دكا، لأنه إنما قبل ذلك بعد الإبانة وإقامة الحجة.
(١) ف: وأراد تعالى.
(٢) في د: بذكر.