[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  يكون بمنزلته. فمن هذا الوجه يدل أيضا على نفى الرؤية.
  وقوله تعالى: {أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا}(١) وبيانه ذلك بقوله:
  {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ}(٢) بعد ذكره أنهم سألوه رؤية اللّه جهرة، يدل على نفى الرؤية أيضا(٣).
  [ب] فأما التجلي فإنما يصح أن يتعلق به من يزعم أنه تعالى جسم يجوز عليه الانتقال، فأما من لا يقول بذلك، ويقول إنه لا كالأجسام، وأنه ليس بمؤلّف فتعلقه بهذا الظاهر، وإن أطلق هذا القول فيه تعالى، لا يصح.
  وقوله: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} يوجب أيضا أنه التمس أن ينظر إليه، والنظر: هو تقليب الحدقة نحو الشيء التماسا لرؤيته، وذلك لا يصح إلا والمنظور إليه في جهة مخصوصة، فهذا لا يصح أن يتعلق بظاهره القائل بالرؤية إذا نفى التشبيه، وإنما يصح أن يتعلق به المشبهة، والمشبه لا وجه لمكالمته في الرؤية،
(١) من الآية: ١٥٥ في سورة الأعراف.
(٢) من الآية: ١٥٣ في سورة النساء. وهي أيضا في طلب بني إسرائيل رؤية اللّه جهرة (انظر الفقرة: ٧٨) وليست آية الأعراف بيانا لها، والأرجح أن تكون بيانا لقوله تعالى {فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} في آية الأعراف ذاتها، بدليل تولى شرح القاضي للآية بعد أسطر، ثم عودته بعد ذلك إلى تفسير الآيات التي تجاوزها بعد الآية ١٤٣ موضوع بحث الرؤية. و - الآية ١٥٥ هي {وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ}.
ولا يبدو في الآية - على كل حال - أنها تعقيب على سؤال الرؤية وتوبة موسى منه حتى يصح بها الاستدلال على ما ذكره، وإنما جاءت بعد ذكر الألواح ورجوع موسى إلى قومه وقد اتخذوا العجل، فذهب موسى # بمن اختارهم من قومه للوقت الذي وعده اللّه تعالى أن يلقاه بهم فيه، للتوبة مما أقدم عليه سفهاؤهم في أمر العجل. انظر الطبري: ٩/ ٧٢.
(٣) انظر ما كتبه القاضي أيضا حول رد الاستدلال بالآية على أنه تعالى يرى بالأبصار.
المغنى: ٤ (رؤية الباري) ص: ٢١٧ - ٢٢٠. وما قاله المرتضى في ذلك وفي مسألة التجلي - بتوسع - الأمالي: ٢/ ٢١٥ - ٢٢١.