[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وبعد، فليس في الكلام إلا أنهم سألوا أن لا يفتنوا، وقد بينا أن المسألة بأن لا يفعل الشيء لا تدل على أن المسؤول يفعل ذلك، أو يجوز أن يختاره، وبينا نظائر ذلك(١).
  وقوله: {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} ليس فيه إضافة ما سقطوا فيه إلى اللّه تعالى، فلا ظاهر للكلام يصح تعلقهم به!
  والمراد بذلك: أن في المنافقين من كان يقول للرسول #: ائذن لي في التخلف عن الجهاد، ولا تفتني: يعنى: لا تشدد التكليف على بالخروج، فقال اللّه تعالى: {أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} يعنى: أنهم طلبوا «التخفيف و(٢) التيسير والتخلص من المشقة بالخروج، وقد سقطوا في العقاب وما أعده لهم من النيران ولذلك قال تعالى [بعده] {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ}(٣) مبينا بذلك أن المراد(٤) تهجين رأيهم في طلبهم التخلص من مشقة يسيرة، [وأنهم] قد أوقعوا أنفسهم في الأمر العظيم من العقاب بنفاقهم وكفرهم.
  ٢٩٣ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى بعد ما يدل على أن العبد لا يصيبه إلا ما كتب له أو عليه، وأن السعي في خلاف ذلك عبث، وأن الواجب الاتكال على ما قدر على المرء وكتب عليه، وأن يعلم أن خلافه لا يجوز ولا يكون، فقال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[٥١]
  والجواب عن ذلك أن ظاهره إنما يقتضى أنه لن يصيبهم إلا ما كتب اللّه
(١) انظر الفقرة: ١٣ والفقرة: ١٤.
(٢) ساقط من د.
(٣) تتمة - الآية السابقة: ٤٩.
(٤) ساقط من ف.