[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ٣٠١ - دلالة: وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ}[٩١].
  يدل على أنه تعالى لا يجوز أن يكلف العبد ما لا يقدر عليه؛ لأنه تعالى قد عذر هؤلاء، من حيث ضعفوا عن الخروج، ومرضوا ولم يجدوا النفقة، ولو كان تعالى يجوز أن يكلف العبد الإيمان ولا يقدر عليه ولا يعذر إذا لم يفعل ذلك، لكان هؤلاء بأن لا يعذروا أولى!
  وبعد، فإن على قوله لا فائدة في هذا الباب؛ لأنه إن خلق فيهم قدرة الخروج خرجوا لا محالة، ولم يؤثر في ذلك مرض ولا ضعف ولا فقد نفقة، وإن لم يخلق القدرة فيهم لم يصح وقوع الخروج وان لم يكونوا مرضى أو فقراء، بل كانوا أصحاء أغنياء، وكل قول يؤدى فيمن عذره اللّه تعالى بأمر أنه لا يعذر بمثله، وأن حاله كحال من لا عذر له، قول فاسد!
  ٣٠٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن من خلط عملا صالحا بعمل سيئ أن اللّه يغفر له، وإن كان من أهل الكبائر، بخلاف قولكم في الوعيد، فقال تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ...}[١٠٢].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الكلام إنما يقتضى أنه تعالى يتوب عليهم؛ لأن «عسى» من اللّه واجبة، وليس فيه أنه تعالى يغفر لهم!
  فإن قال: لا يجوز أن يتوب عليهم إلا ويغفر لهم!