متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 362 - الجزء 1

  ولو قيل: إن ظاهره يدل على أن المراد بها من جنس الحسنى المتقدم ذكره الذي هو النعيم، لكان أقرب؛ لأن إطلاق هذه الكلمة بعد تقدم ذكر بعض الأمور يقتضى أن الزيادة من ذلك الباب بالتعارف، إلا أن يمنع منه دليل!

  ولو كان المراد به الرؤية على مذهبهم لكانت الزيادة أعظم من الحسنى⁣(⁣١)! ويوجب أن يكون تعالى يلتذ بالنظر إليه ويشتهى، فيكون ذلك من جملة النعيم واللذات! وهذا خروج من الدين، وإن كان القول بأنه جسم يقتضيه، لأنه إذا صح فيه ذلك لم يمتنع أن يشتهى النظر إليه، بل لمسه ومعانقته، تعالى اللّه عن ذلك⁣(⁣٢)!

  ٣٢٣ - دلالة: وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ}⁣[٢٧] يدل على أنه تعالى لا يعاقب المسئ إلا بقدر ما يستحقه، ولذلك فصل بينه وبين المحسن، فضم له الزيادة تفضلا، واقتصر⁣(⁣٣) في المسئ على مجازاته بمثل إساءته.

  ولو كان تعالى على ما تقوله المجبرة من أنه يجوز أن يفعل القبيح، ويعذب أطفال المشركين، ومن لا يستحق العذاب، لم يكن لتنزيهه نفسه فيمن اكتسب السيئات عن أن يجازيه إلا بمثلها، معنى.


= ولا يثبت عند الرواة، ولو صح لكان معارضا بما روى عن علي # وغيره، أنهم قالوا في تفسير الزيادة: إنها تضعيف الحسنات، وهو الذي أراده ø بقوله: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} ... انظر المغنى: ٤/ ٢٢٢.

(١) قال القاضي: «لا يصح أن يبشر تعالى المحسن بأن يعطيه الحسنى ويزيده ويريد بالزيادة الأمر المتقدم في الترغيب، والذي لا لذة تساويه وتشاكله، لأن الحكيم لا يجوز أن يرغب في طاعته على هذا الوجه»!

انظر المغنى: ٤ / ص، ٢٢٣.

(٢) انظر الفقرة: ٢٦١ / ب. والفقرة: ٣١٣

(٣) في د: واقتصروا.