[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ٣٢٩ - مسألة: قالوا ثم ذكر بعده ما يدل على أنه يجعل العباد فتنة لبعض فقال: {رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(١).
  والجواب عن ذلك: أنا قد بينا الكلام في المسألة والدعاء، وأنهما لا يدلان على أن المطلوب يفعل، أو يحسن أن يفعل بلا شرط، وبينا أن الداعي متى لم يشترط في دعائه فقد وضعه في غير موضعه، وشرحنا القول في ذلك(٢).
  والمراد بهذه الآية: أنهم سألوه تعالى أنه لا يجعلهم فتنة للكفار، بأن ينزل بهم من المحن والخذلان(٣)، وظفرهم بهم ما تقوى معه نفوسهم ويطمئنوا إلى الكفر، فيكون ذلك فتنة عليهم، وربما يكون فتنة على المؤمنين، لما يحصل لهم من ضعف النفس بورود هذه الأمور!
  وقد قيل: إنهم سألوا أن يخلصهم من أسر(٤) الكفار الذين كانوا يستعبدونهم ويتخذونهم خولا ورقيقا؛ لأن ذلك فتنة عليهم في الدين وشدة ومحنة. وهذا ظاهر.
  ٣٣٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يضل الكفار عن الحق، ويفيض عليهم النعم لكي يضلوا، فقال: {وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ...}[٨٨].
(١) من الآية: ٨٥.
(٢) انظر الفقرات: ١٣، ١٤، ٢٩٢.
(٣) د: ومن الخذلان.
(٤) د: أشرار.