[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  اختياركم، وقد سمى اللّه العقاب غيا بقوله: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}(١) وكل ذلك واضح.
  وأما قوله تعالى من بعد: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فقد مضى(٢) القول فيه(٣).
  ٣٤٣ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على جواز الجوارح عليه، فقال: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا}[٣٧]، وإذا جازت الأعين عليه جاز سائر الأعضاء، على ما تقوله المجسمة!
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنه(٤) أمره أن يصنع الفلك بأعينه، ولا يقول أحد من المجسمة إن(٨) الفاعل منا يفعل بعينه تعالى، أو بأعينه، وإنما يفعل بقدرة، وبحسب آلاته وعلومه.
  وبعد، فإنه يقتضى أن للّه أعينا(٥)، وليس ذلك مذهب القوم، لأنهم يقولون إن له عينا واحدة، ومنهم من يثبت له عينين، وهذا يقتضى أن له أعينا(٩)، من غير أن بوقف على عدده، لأن لفظة الجمع لا تخصص، وهذا بخلاف دين المسلمين، فلا بد ضرورة للقوم من الرجوع إلى أن يتأولوا الآية، ويعترفوا بأن الظاهر لا يدل ولا يشهد بصحة قولهم.
  والمراد بذلك: أن اصنع الفلك بما أعطيناك من البصيرة(٦) والمعرفة، وسمى
(١) من الآية ٥٨ في سورة مريم.
(٢) في د: نصر.
(٣) انظر الفقرة: ٥٩.
(٤) في د: الأولى: أن، والثانية: أنه.
(٥) في نسختين بصيغة الرفع.
(٦) د: التبصر.
(٨) في د: الأولى: أن، والثانية: أنه.
(٩) في نسختين بصيغة الرفع.