متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 379 - الجزء 1

  وقد قال جعفر بن حرب⁣(⁣١) |: «الآية تتعلق⁣(⁣٢) بأنه كان في قوم نوح طائفة تقول بالجبر وبأنه تعالى يريد الفساد، فخاطبهم منبها لهم على بطلان قولهم، فقال: ولا ينفعكم نصحى فيما أدعوكم إليه وأنبهكم عليه⁣(⁣٣)، إن كان الأمر كما ذكرتم من أنه تعالى المريد لفسادكم ويخلق الكفر فيكم.

  وهذا كما نقوله في⁣(⁣٤) المجبرة: إن كان الأمر كما تقولون فلا منفعة في بعثة اللّه الأنبياء، ولا في الدعاء إلى اللّه تعالى، ولا في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؛ لأن ذلك أجمع لا يمنعه تعالى من خلق ما يريد، ولا يصح فيه تعالى المغالبة، فسلك صلّى اللّه عليه في محاجة قومه هذه الطريقة.

  وأما أبو علي | فإنه يقول إنما أراد أن يؤكد توبيخهم على كفرهم وتمسكهم به، فقال: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} فيما أدعوكم إليه، واللّه تعالى قد أراد أن يحرمكم الثواب وينزل بكم العقاب، إلا أن تتلافوا بالتوبة، ورغبهم بذلك في الرجوع والإنابة.

  وذكر أن المراد بالغى هو الخيبة، لأن من فاته الخير ولم يدركه وخاب منه، يوصف بذلك في اللغة.

  وقال غيره إن المراد به: إن كان تعالى قد حكم بأنه يريد أن يعاقبهم، فنصحى لا ينفع، من حيث كان المعلوم أنكم تستمرون على المعاصي، لسوء


(١) هو جعفر بن حرب الهمداني، متكلم من معتزلة بغداد؛ درس الكلام بالبصرة على أبى الهذيل العلاف، وصنف كتبا معروفة عند المتكلمين كما قال الخطيب البغدادي، «وكان له اختصاص بالواثق» توفى عام ٢٣٦ عن تسع وخمسين سنة. تاريخ بغداد: ٧/ ١٦٢ - ١٦٣.

(٢) د: إن - الآية تنطق.

(٣) ساقطة من د.

(٤) ساقطة من د.