متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 382 - الجزء 1

  {أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ} فتمنى مع ذلك أن تكون في قومه كثرة وقوة لينزل بهم ما يستحقون.

  وما تقدم من الكلام وما تأخر عنه يدل على ما ذكرناه.

  ٣٤٥ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه الموفق للعباد، وأن الأمور كلها إليه، لا يقدر العباد على ضر ونفع فقال: {وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}⁣(⁣١).

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يدل على أنه لا توفيق للعبد إلّا باللّه، وهذا صريح قولنا؛ لأن التوفيق هو عبارة عن اللطف الذي يفعله تعالى، لكي يختار العبد عنده الطاعة ويترك المعصية، فإذا كان المعلوم من حال العبد أنه يفعل ذلك عند أمر من قبله تعالى، فذلك الأمر يسمى لطفا؛ وإذا اتفق عنده فعل الطاعة يسمى توفيقا، فلا توفيق إذا إلا باللّه تعالى، فلا يدل الظاهر إذا على ما ظنوه.

  وكذلك «في التوكل⁣(⁣٢) لا يكون عندنا إلا عليه؛ لأن المراد بذلك سلوك الاستقامة في طاعته وفي طلب الرزق من قبله ومجانبة الجزع، وذلك يبطل ظن الجهال، أنا إذا قلنا إن العبد يقدر على الطاعة والمعصية فقد أخرجناه من أن يكون معتمدا على اللّه تعالى في التوفيق، متوكلا عليه، وربما تجاهلوا فقالوا: كيف يصح - على قولكم - أن يرجع الإنسان إلى اللّه، فيقول: لا حول ولا قوة الا باللّه؟


(١) من - الآية: ٨٨.

(٢) د: فالتوكل.