ومن سورة النحل
  وتعذره لأمر من قبله، لصح، لأن المالك قد يملك الشيء على وجوه ويختلف تصرفه فيما يملك. وذلك يبطل «تعلقهم بالظاهر(١).
  ٤٠٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعده ما يدل على أن الإيمان من فعله ومن قبله، فقال تعالى: {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}[٥٣] فليس يخلو الإيمان من أن يكون نعمة، فيجب أن يكون من اللّه، أو لا يكون نعمة، فيكون القول به خروجا عن العقل والدين، وموجبا للتسوية بينه وبين الكفر، أو بينه وبين المباح!
  والجواب عن ذلك: أننا نقول(٢) في الإيمان: إنه نعمة، وإنه من أعظم النعم، لأنه يؤدى إلى الثواب الدائم، ونقول: إنه من اللّه تعالى، لكن هذه الإضافة لا تدل على الفعلية، فمن أين - من جهة الظاهر - أن الإيمان من فعله؟
  ولم يقل تعالى: وما بكم من نعمة فمن فعل اللّه.
  فإن قال: لا فرق بين قوله: {فَمِنَ اللَّهِ} وبين قوله: «من فعل اللّه» في هذا الباب.
  قيل له: إن ادعيت في التسوية بينهما لغة أو تعارفا، فبينه، وإلا إذا اختلفت اللفظتان لم يجب اتفاقهما في الفائدة إلا بدليل، وقد علمنا أنه قد يقال فيما يتخذه الإنسان من دار وغيرها إذا أعانه غيره ببذل النفقة عليها: إنها من فلان، وإن لم يكن له فيها فعل! ويقال فيما يحصل للولد من الأدب والعلم: إنه من أبيه، لما أعان عليه، وإن لم يكن «الأدب من(٣) فعله، وإذا وصل بأدبه
(١) ساقط من ف.
(٢) في د: أن القول.
(٣) ساقط من د.