ومن سورة النحل
  إلى ممالك فقد يضاف إلى والده، لما كان الأدب(١) هو السبب فيما هو السبب فيه، فما ادعاه من الظاهر لا يصح. وعلى هذا الحد يطلق في المعاصي، فيقال: هي من الشيطان، لما كان دعاؤه إليها كالسبب والمعونة، وربما قويت هذه الإضافة فيتسع فيها بذكر الفعل لقوتها، فيقال في أدب الولد، إنه من عمل أبيه، وقد قال تعالى في مثله: {قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ}(٢).
  وعلى هذا الحد نقول في الطاعات أجمع: إنها من اللّه تعالى، لما وصلنا إليها بألطافه ومعونته وتيسيره، ولا نقول ذلك في المعاصي، وإن مكن تعالى منها، لما منع منها بالنهى والزجر والتهديد.
  وعلى هذا الوجه نقول فيما يصل إلينا من العطايا والهبات: إنها من نعم اللّه، وإن كان آخر السبب الذي به ملكنا من فعلنا، وما قبله من فعل المعطى، لما كان لا يتم كونه نعمة إلا بأمور من قبله تعالى في الحال ومن قبل، و [لأنه] أراد ذلك ولم يمنع منه(٣).
  فإن قيل: أليس تعالى يشكر على نعمه أجمع، فيجب أن يستحق الشكر على الإيمان والمدح والتعظيم، وهذا يوجب كونه مستحقا لذلك على فعلنا!
  ولئن جاز ذلك ليجوزن ما قالت المجبرة، من أنا نستحق المدح والذم والثواب والعقاب على فعله تعالى فينا!
  وبعد، فيجب أن يكون القرآن من جملة النعم التي بها يستحق القديم - تعالى -
(١) ساقطة من د.
(٢) من الآية: ١٥ في سورة القصص.
(٣) ساقطة من د.