متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة النور

صفحة 522 - الجزء 2

  ويدل ذلك على بطلان قولهم في الشفاعة؛ لأنه لو غفر له بشفاعته # لم يتعلق غفرانه بالتوبة والصلاح⁣(⁣١).

  ٥٠٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعده ما يدل على أن القبيح قد يكون حسنا وخيرا من اللّه تعالى، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}⁣[١١].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يوجب أن⁣(⁣٢) الإفك والكذب هو خير لمن يفعل به وليس بشر، وهذا مما لا يطلقه أحد من الأمة، فلا بد للجميع من أن يتأولوه، وإذا تنازعوا التأويل فقد زال الظاهر.

  ولولا أن الأمر كذلك لوجب أن يكون من جاء بالإفك يحمد على ما فعل؛ لأنه قد فعل بمن رماه الخير، وهذا يوجب كونهم محسنين إلى النبي صلى اللّه عليه، وهذا كفر من قائله! ولو كان كذلك لم يحتج إلى إنزال الآيات في تكذيبهم!

  «فإذا صح ذلك⁣(⁣٣) فيجب أن يكون المراد بالآية أن ما فعلوه، بما حصل عنده الصبر على ما ورد على القلب من الغم، وعظم الثواب في ذلك، أو العوض، كان ذلك خيرا كثيرا. ونبه تعالى بذلك على أنه «لما بين⁣(⁣٤) من حالهم الكذب لم يكن لقولهم تأثير البتة، فصار وجوده كعدمه، وزال الشر فصار الخير مشتملا حاصلا، وهذا بين.

  ٥٠٨ - وأما قوله تعالى: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ


(١) ف: والإصلاح.

(٢) ساقطة من د.

(٣) ساقط من ف.

(٤) د: لما لم يكن.