معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 174 - الجزء 1

القسم الثاني: التعزيرات

  ووجه شرعيتها الزجر عن أسبابها، وهي المعاصي التي لا توجب حدّاً، وحكمها [كلها]⁣(⁣١) حكم الحدود، إلا في خمسة أحكام:

  [الأول]: أنها تسقط كلها بالتوبة.

  [الثاني:] وأنها إلى أهل الولايات ولو غير الإمام لكثرة الحاجة إليها.

  [الثالث:] وأنه لا مقدار لها معين بل المعتبر في كل معصية أقل مما يجب في جنسها من الحدِّ، ففي مقدمات الزنا دون مائة جلدة للحرِّ ودون خمسين للعبد.

  [الرابع:] وأنها أشدُّ من الحدِّ في إيجاعها؛ لنقصان قدرها.

  [الخامس:] وأنها تختلف باختلاف الأشخاص وأحوالهم.

  فرع: ولسقوطها كلها بالتوبة علم أنها عقوبة محضة، لا ديانة فيها، ثم هي إما حق لله تعالى كتعزير مقدمات الزنا، ووطء الزوجة الحائض. أو لآدمي كالتعزير على سبِّ الغير وفعل ما يؤذيه، فحكم الأول ما تقدم في حقوق الله من صحة دعواه حِسْبَةً، وعدم صحة العفو عنه، وعدم تكرره بتكرر موجبه قبل إقامته، وسقوطه بالإسلام بعد الردة.

  وحكم الثاني عكس ذلك فدعواه إلى ذي الحق، وله العفو عنه، ولو بعد المرافعة، ويتكرر بتكرر المستحقين مطلقاً، ولا يسقط بالإسلام.

  وذهب بعضهم إلى أن التعزير كله من حقوق الله، وبعضهم إلى أنه كله من حقوق الآدميين، والمعتمد هو التفصيل المذكور، وقد ذكره بعض أصحابنا.

  فرع: وعلى ما ذكرنا من التفصيل لا يدخل أحد النوعين تحت الآخر، بل ما كان من أحدهما دخل تحت نوعه فقط ففيه تعزير واحد إلا أنه يغلظ فيه على حسب الجناية، وذلك حيث الحد المستَحَق كما ذكرنا.

  وعلى قول الجميع لا يدخل شيء من التعزير تحت الحدِّ، ولو كانا من حقوق


(١) زيادة في (ب، ج).