معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 176 - الجزء 1

الضرب الثاني في العقوبات المالية

  وهي ضربان: عقوبة بالإتلاف، وعقوبة بالأخذ.

  فالضرب الأول: جائز في أموال الكفار والبغاة بتخريب الديار، وقطع الأشجار، وتحريق الزرع، وكذا في آلات أهل العصيان كآنية المسكر، وآلات الملاهي.

  ومن هذا الضرب ما روي عن أمير المؤمنين ¥ من تحريق طعام المربي⁣(⁣١).

  والضرب الثاني: جائز في أموال الكفار، وما أجلب به البغاة عندنا، فإنها تغنم عقوبة لهم، وأما أهل الظلم والعصيان، فإن أخذت أموالهم تضميناً لهم فليس مما نحن فيه، وإن أخذت عقوبة ففيه خلاف، منعه بعض أصحابنا، وإن أجاز إتلافها قال: لأن في أخذها تُهْمَةً، ولأن العقوبة بالمال مشروعة على خلاف القياس، فَتُقَرُّ حيث وردت فقط.

  وأجازه كثيرون قياساً على العقوبات البدنية، وعلى ما ورد من المالية، ولنصٍّ ورد فيها أيضاً قوله ÷ في الزكاة: «وإلَّا أَخَذْنَاها وَشَطْرَ مالِهِ»⁣(⁣٢).

  فرع: وإنما تجوز هذه العقوبات المالية لأهل الولايات، فبعضها يجري مجرى الحدود، فتختص بالأئمة، وهو إتلاف أموال الكفار والبغاة واغتنامها.

  وبعض يجري مجرى التعزيرات، وهو إتلاف آلات المعاصي ونحوها، وتجوز لأهل الولايات مطلقاً.

فصل: [في الاسترقاق]

  ومن الحقوق الدائرة بين كونها بدنية ومالية وبين كونها لله تعالى وللآدميين الاسترقاق؛ إذ هو ماليٌّ من جهة السيد، بدنيٌّ من جهة العبد، حق لله ابتداء، وللمالك انتهاء، وسيأتي تفصيل ذلك في باب العتق إن شاء الله تعالى.


(١) في (أ): «المحتكر».

(٢) أخرجه أبو داود (١٥٧٥)، والنسائي (٢٤٤٤)، وأحمد (٢٠٠١٦)، باختلاف يسير.