[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
البحث الثاني: [في حكمها في حق الكافر والصبي وغيرهما]
  في ذكر حكمها في حق الكافر، ومن نذكر بعده، ولنذكر لكل منهم فصلاً يختص به:
فصل: في حكمها في حق الكافر
  تقدم أن الكفار مخاطبون بأحكام المعاملات اتفاقاً فتصح كلها منهم بيعاً وشراءً وإجارة ورهناً وهبةً ووكالةً وحوالةً وإبراءً وغيرها، إلا ما كان الكفر مانعاً منه.
[ما يمنع منه الكفر]
  مسألة: وينحصر ما يمنع منه الكفر في ثلاثة أضرب:
  الأول: ما فيه قربة كالنذر منه وعليه والوصية منه بما فيه قربة وعليه حيث كان غير معين كعلى الذميين أو اليهود جملة وكالتذكية؛ لأن فيها شائبة قربة، وكذا شراء المصحف، واستئجاره على نسخه ونحو ذلك.
  الثاني: ما كان فيه استعلاء للكافر على المسلم؛ إذ قد منع الشارع أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيلاً، وذلك كشراء الأمة المسلمة، وكذا الأرض العُشُرِية، وشراء ما يتقوَّوْنَ به من السلاح والكراع والعبد المسلم عند جماعة من أصحابنا.
  فرع: ولذلك لم يصح أن يكون الكافر وكيلاً لمسلم في النكاح، ولم تثبت له شفعة على مسلم، ولا ولاية على أولاده المسلمين بإسلام أُمِّهم، ولم يصح أن يكون وصيّاً لمسلم، وكان استيفاء ديته حيث قتله مسلم إلى الإمام ثم يسلمها لهم لا إلى ورثته.
  الثالث: ما كان فيه صلة؛ لانقطاع الوُصلة بين المسلم والكافر، فلذلك امتنع التناكح والتوارث، ووجوبُ نفقة القريب الكافر على المسلم، والمسلم على الكافر وصرفُ الصدقة في الكافر، وابتداءه(١) بالسلام وردُّه عليه، واستحقاقه
(١) الصواب: «وابتداؤه» لأنه معطوف على مرفوع.