معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 236 - الجزء 1

  فرع: وقد علم أن التخلية قبض فيما تعين فيه الحق كالمبيع والمستأجر والوديعة والغصب والهبة فتبرأ الذمة بعدها، لا فيما كان غير متعين، بل هو ملك للمقبِّض لا يتعلق به حق، فلا يخرج عن ملكه بمجرد التخلية كالدَّين والقرض والهدية، هذا هو المناسب، وبه قال جماعة من العلماء، وإن كان قد قيل غير ذلك.

  فرع: وسبب استحقاقه هو العقد، وشرطه توفير الثمن، فبعدهما يصح الإجبار عليه، وقبل التوفير يصح مع التراضي فقط، ولكل من المتعاقدين فيه حق، وحق البائع قبل توفير الثمن فيه أقوى، والعكس بعده.

  فرع: ولكونه حقاً لكل منهما كان لكل منهما الفسخ في متعذر التسليم كالآبق، وفيما في قبضه ضرر كفص الخاتم وجذع السقف وحجر الجدار، فإن أسقط أحدهما حقه من الفسخ لم يسقط؛ لأن سببه التعذر أو الضرر وهو مستمر.

  فرع: ولكون القبض حقاً للمشتري صح التوكيل به كسائر الحقوق ولو للبائع نفسه، وعلى الوكيل النية حيث يكون مستحقاً للقبض بسبب آخر، نحو: أن يكون مستأجِراً، أو زوجاً للأمة المبيعة، أو يكون الوكيل هو البائع، ولَمَّا يستوف الثمن.

  فرع: فإذا قال المشتري للبائع: أمسك المبيع، أو أدخله منزلك، أو اجعله في بيتك، كان توكيلاً بقبضه، لا إن قال: اتركه عندك أو احفظه؛ إذ لم يأمره بنقله.

  فرع: فإن قال: ابعث، أو أمُرْ أو أرسل به مع فلان، لم يكن توكيلاً لأيهما، وكذا [إذا]⁣(⁣١) أرسل رسولاً وقال له: قل لفلان يبعث، أو يأمر، أو يرسل به معك، وإن قال: أعطه، أو ناوله، أو سلِّمه، أو ادفعه إلى فلان، كان توكيلاً لفلان إذا علم، وكذا إذا قال للرسول: قل للبائع يعطيه، أو يسلِّمه، أو يدفعه إليك.

  فرع: فإن قال: قل للبائع يحمل المبيع، أو يسوقه إليَّ أو إلى فلان، كان توكيلاً للبائع بالقبض، فيصير بعده أمانة معه ومع فلان.


(١) ساقط من (أ).