[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
فصل: في أنكحة المماليك
  تقدم أن أحوال المملوك منصَّفة بحسب الجهتين فتَنَصَّف الملك، فينتفي ملك المال دون غيره كالبضع، فيملك العبد ما يملك الحر، وهو الأربع عندنا؛ إذ لو تنصَّفت وقد تنصَّف المِلك أولاً لمَلك أقلَّ من النصف لكن لما كان الملك متوقفاً على التصرف، وهو مملوك التصرف، افتقر فيه إلى إذن سيده كما مر.
  فرع: ولذلك كان للسيد أن يزوجه ولو كره؛ لأن له حقاً في إعفافه، فيصير البضع بيده، فيملك الطلاق دون سيده، وليس له إكراهه على الوطء؛ إذ هو حق له، بخلاف الأمة؛ لأن له حقاً في ولدها ومهرها. هكذا قيل.
  والأولى أن يُعلَّل بأنه حق عليها للزوج، فوجب إجبارُها على تسليمه عند الطلب.
فصل: في النكاح الفاسد
  لما كان النكاح عقد معاوضة كالبيع اشتمل على الصحيح والباطل والفاسد، لكن اشترط في الفاسد أمران: الجهلُ، وعدم مخالفة القاطع كالإجماع، ومع عدم أحدهما يكون باطلاً.
  فرع: وإنما اشترط هنا لا في البيع؛ لأن في النكاح حقاً لله كما مر، ومخالفة الزوجين أو أحدهما لمذهبه معصية لا يتأدى بها حق الله تعالى؛ لكنهم نزلوا الجاهل منزلة المجتهد، وإنما يكون مصيباً حيث لم يخالف القاطع.
  فرع: فإن انكشف بعد العقد أنه خلاف المذهب كان كتغيُّر الاجتهاد؛ فإن قلنا: إن الأول كالحكم لم يلزمهما الخروج منه، وإلا لزم، فإن تراضيا بالفسخ انفسخ كالمبيع.
  وإن تشاجرا فقبل الدخول كذلك؛ إذ هو كفسخ المبيع قبل قبضه والحكم لقطع الشجار فقط، وبعده إن فسخ الحاكم وقع من حينه فقط، وإن حكم بالصحة لحق بالصحيح، وصار مذهب الحاكم مذهباً لهما فيتفق مذهبهما في الابتداء؛ لأجل الجهل، وفي البقاء؛ لأجل الحكم، بخلاف ما لو عقدا عالمين