معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 345 - الجزء 1

باب الوقف

  هو جعل الرقبة ملكاً لله تعالى؛ لقصد دوام الانتفاع بها مدة بقائها.

  فرع: فعلم أنه نقلُ ملكٍ لا رفعه، ولذلك يبقى رقُّ الموقوف كاملاً، وتجب زكاة العين الموقوفة حيث كانت زكويَّة على ما مر، وتباع عند تعذر المنفعة المقصودة.

  فرع: وعلم أنه لا يصح فيما ليس بعين كالديون، ولا فيما لا نفع فيه أصلاً كالعبد المدنف، والبهيمة التي تجود بنفسها، والفرس المكسورة للجهاد عليها، ولا فيما لا ينتفع به إلا باستهلاكه كالنقود والأطعمة، ولا فيما كل⁣(⁣١) منفعته للغير نذر⁣(⁣٢) أو وصية، ومن ثم قال بعض⁣(⁣٣) أصحابنا: لا يصح استثناء المنافع كلها في الوقف.

  فرع: وعلم أنه يصح فيما منفعته مَرْجُوَّة في المستقبل، وإن لم يكن له نفع في الحال كالحيوان الصغير للحمل عليه، والعبد الطفل للخدمة، أو ليُعَلِّمَ الناسَ القرآن، وهو ممكن منه عادة، وأجرة تعليمه من بيت المال، والوقف في هذه ناجز في الحال.

  فرع: وعلم أنه لا بد أن تكون تلك المنفعة مما يُعْتَدُ بها عادة، وإن لم يكن لها قيمة. فإذا وقف عبداً على زيد ليعطيه سوطه إذا سقط عليه، أو قلماً ليكتب به آية من القرآن، أو مسواكاً ليستاك به مرة أو مرتين، لم يصح، فإن أطلق الكتابة والاستواك صح، وإن كان السواك والقلم مما لا قيمة له؛ إذ ليس بمعاوضة.

  فرع: وعلم أنها إذا بطلت المنفعة المقصودة بحيث لا يرجى رجوعها، بطلت الوقفية، فتباع لإعاضتها، ويحتاج في مصيرها وقفاً إلى تجديد وقف، فإن عادت بعد البيع فالقياس بطلان البيع وبطلان وقفية العوض؛ لأنه انكشف كذب الإياس.


(١) في (ب): «كانت» وفي (ج): «كان».

(٢) في (ب، ج): «بنذر».

(٣) «المؤيد بالله # وعن المهدي أحمد بن الحسين والإمام محمد بن المطهر والإمام علي بن محمد: أن الوقف عن الحق لا يصح». حاشية في (أ).