[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  غيره، وذلك الأعيان والمنافع لا الديون والحقوق المالية وغيرها؛ إذ لا يتعقل استهلاكها.
  فرع: ولكونها إسقاطاً في المستقبل صح الرجوع عنها وتوقيتُها، فترتفع بعد مضي الوقت، وتبطل بخروج المباح عن ملك المبيح بموت أو غيره وبجنونه وبالحجر عليه لكن تصير بالحجر موقوفة، فتعود بعد ارتفاعه كسائر التصرفات.
  فرع: وإنما تبطل الإباحة بالرجوع حيث علم المباح له؛ إذ مع الجهل يصير مغروراً يستحق الرجوع فيتساقطان.
  فرع: وقد تنقلب الإباحة وصيةً فتفيد التمليك كأن يبيح العين أو المنفعة بعد موته أو في مدة ثم يموت قبل تمامها، وتورث في هذه الصورة، ولا تصح في مجهول ولا لمجهول كالوصية.
  فإن قيل: كيف ينقلب إنشاء الإباحة السابق تمليكاً بعد تَقَضِّيْه [وصية](١) ووقوعه إباحة.
  قلنا: الانقلاب هنا مجاز، أما في الصورة الأولى فهو تمليك من أول الأمر؛ إذ وقع بلفظ الإباحة مجازاً، وأما في الثانية فالمبيح أوقع الإنشاء [إباحة](٢) في وقت وتمليكاً بعده كأنه قال: أبحتُه في حال حياتي وأوصيت به بعد وفاتي إلا أن هذا بلفظين والأول بلفظٍ واحدٍ تضمَّن المعنيين معاً.
  فرع: ولتعلقها بالمستقبل كان الشيء المباح باقياً في ملك المبيح حتى يُستَهلك فيعتبر فيه أحكام الملك.
  وجناية الدابة المرغوب عنها والجناية عليها متعلقةٌ بمالكها حتى يقبضها الغير بنية تملكها وقبل قبضها لا يصح تصرفه فيها ببيع أو إعارة أو غيرهما؛ إذ هو تصرف قبل الملك، بخلاف ما إذا أباح للغير التصرف فيها فإنه يصح ذلك؛ إذ
(١) زيادة في (ب).
(٢) ساقط من (أ).