الضرب الثاني: الأفعال
  لصحته من الأصل كما مر.
  فرع: فإن وكله بأن يشتري له شيئاً ثم يبيعه أو يتزوج له امرأة ثم يطلقها أو ينصب له وكيلاً ثم يعزله ونحو ذلك، صح لأنه لما صار وكيلاً بسبب البيع والطلاق والعزل صح توكيله بها تبعاً للتوكيل بأسبابها كما يصح العزل المدار وإن كان عزلاً عن الوكالة قبل حصولها إلا أنه بعد وجود السبب وهو التوكيل المحبَّس، بخلاف ما إذا قال: متى صرت لي وكيلاً فقد عزلتك، فإنه لا يصح إلا عند بعض أصحابنا والحنفية كما تقدم في أحكام الإنشاءات.
  فرع: فإن كان التصرف يصح من الأصل لكن امتنع لعارض صح التوكيل به نحو: أن يوكل ولي النكاح من يُزوج المعتدة أو المحرِمة أو المزوجة بعد صلاحها لذلك؛ لأن الولاية ثابتة بسببها وهو القرابة كما مر، بخلاف ما لو وكَّل وهو غير وليٍّ من يُزوج عنه بعد مصيره وليّاً.
  لا يقال: فما بال الولي الْمُحْرِم لا يصح توكيله بالنكاح مع كون المانع عارضاً؟
  لأنا نقول: قد تقدم أن في النكاح شائبة عبادة؛ ولذلك لم يصح توكيل الكافر للمسلم والعكس، كما مر تحقيقه.
  فرع: وعلم أنه لا يصح التوكيل في المباح؛ إذ التصرف فيه غير مملوك للأصل، كما ذكره بعض أصحابنا، ومن صححه منهم قال: التصرف هو في الذمة بإثبات شيء لها، وهو مما يملكه الأصل كالتوكيل بالاشتراء والاقتراض والضمانة ونحوها، فإنه متفق على صحته مع كونه مباحاً.
  فرع: ولكون الوكيل نائباً لم يصح تضمينه؛ إذ يصير كضمان المالك لنفسه إلا إذا كان بأجرة فضمانه حينئذ من حيث إنه أجير، لا من حيث إنه وكيل.
  فرع: ولكون في التوكيل استنابة كان فيه شائبة تمليك؛ لأن(١) الوكيل يملك التصرف الذي يملكه الأصل، فلذلك بطلت بالرد، ونفذت بالقبول أو ما في
(١) في (ب، ج): كان.