معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 374 - الجزء 1

  فإذا ترك أحدهما العمل لزمه للآخر أجرة المثل حيث لم يتبرع بالعمل عنه، ثم هي ضروب أربعة:

  الأول المفاوضة:

  وهو أن يتحد في الحكم ذِمَّتا الشريكين في أموال التجارة، فيصير ما يتعلق بأحدهما له وعليه متعلقاً بالآخر من قبض ثمنٍ وتسليم مبيعٍ وردِّ خيارٍ، فإن شرطا أن لا يتعلق بأحدهما شيء مما تعلق بالآخر أو تفضيلاً في الربح أو الخسر فسدت؛ إذ هو خلاف موجَبها.

  فرع: فلاتحاد الذمتين على الحد المذكور اشترط تساويهما بحيث يصلح كل واحدة منهما لأن يتعلق بها ما يتعلق بالأخرى، فلم يصح أن يكونا عبدين أو أحدهما ولا صبيَّين ولا أحدهما؛ لأن ذمة الصبي والعبد قاصرة مع ما فيها من الاضطراب، ولم تصح أيضاً بين مسلم وكافر، ولا بين مختلفي الذمة لذلك.

  فرع: وللزوم تساوي الذمتين اشترط أن لا يكون لأحدهما تجارة غير ما فيه الشركة؛ إذ يلزم كون ذمته التي يشارك بها قاصرة ولا في يده شيء من النقدين غير ما فيه الشركة؛ لأن النقود مخلوقة للمعاوضة فهي كأموال التجارة، ولذلك كُمِّل كلٌ منهما بالآخَر في باب الزكاة.

  فرع: ولكون النقود أصل التجارة التي هي المقصود من الشركة اشترط كون الشركة واقعة فيها؛ ليؤمن [من]⁣(⁣١) وقوع الربح والخسر قبل العمل، كما لو اشتركا في عَرْضٍ فغلاء أو رَخُص؛ إذ يؤدي إلى استبداد أحدهما بالربح في الأول ومشاركته في رأس المال في الثاني، واشترط تساويهما؛ ليتعلق بكل من الشريكين ما تعلق بالآخر، واشترط أيضاً الخلط عند الأكثر بحيث لا يتميز مال كلٍ منهما؛ ليحصل الاشتراك في كل جزء منها فيشتركان فيما تفرع عنها من غُرْم أو غُنْم.

  فرع: ولاتحاد ذمتي الشريكين حكماً كان الحكم لأحدهما أو عليه حكماً


(١) ساقط من (ج).