[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  المرض في حكم الجزاء على ما في قلبهم(١) من المرض، مع أنهما جميعا من خلقه؟
  وإنما(٢) يصح ذلك بأن يكون الأول من فعلهم، والثاني على سبيل العقوبة من اللّه ø لهم، وكذلك نقول: إن المنافقين بتكذيبهم واعتقادهم أنه صلّى اللّه عليه وآله، لا يجب أن تعتقد نبوته - ويظهر ذلك من حاله في كل وقت، مع مشاهدتهم لأحواله(٣) - أمرضوا قلوبهم، فكان ذلك منهم معصية، فعاقبهم اللّه ø بالأمر الثاني، ويبين ذلك أنه قال: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ}، ولو كان كل ذلك من خلقه فيهم، لما جعل العذاب كالجزاء على فعلهم؛ لأن المرض الذي ذكره أولا وثانيا، والتكذيب الذي ذكره آخرا كله من خلقه فيهم، فكيف يستحقون العذاب عليه، على أنه ø قد أضاف إلى المنافقين في هذه الآيات من الأفعال والأقوال وذمهم بذلك، فكل ذلك يبين أن نفاقهم من فعلهم.
  ٢٠ - مسألة: قالوا: قد قال تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[١٥] فذكر أن الطغيان من فعله تعالى فيهم، وأضاف الاستهزاء إلى نفسه، وكل ذلك يبين ما نقوله: من أنه يخلق هذه الأفعال فيهم.
  والجواب عن ذلك أن المخالف لا يجوّز على اللّه الاستهزاء في الحقيقة؛ لأنه لا يكون إلا قبيحا وذما، ولا يصح إلا على من تضيق به الأفعال، فإذا احتال وفعل الضرر بغيره «من حيث لا يشعر(٤) وعلى وجه مخصوص، وصف بذلك، ويستحيل ذلك على اللّه ø، وإنما أراد أنه يعاقبهم على ما وقع منهم من الاستهزاء بالرسول صلّى اللّه عليه لأنه قد ثبت في اللغة أنه قد يجرى
(١) في د: قلوبكم.
(٢) ف: فإنما.
(٣) كذا عبارة الأصل، والمعنى: مع ظهور حاله في صدق ادعاء النبوة، ومشاهدتهم لهذه الحال الصادقة.
(٤) ساقطة من د.