[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  مِنْ رَبِّهِمْ}(١) يدل على أنه البيان؛ لأن حمله على غيره لا يصح، وقال تعالى:
  {إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ}(٢) يعنى: الطريق. ولا يجوز أن يرد بذلك إلا الدليل.
  وقال تعالى: {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ}(٣). وقال في صفة النبي ﷺ:
  {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}(٤) يعنى: تبين وتدل، وقال فيه: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ}(٥) يعنى: مبيّن. وقال تعالى: {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا}(٦) ولا يجوز أن يقال: إنهم يفعلون الإيمان، فالمراد به الدلالة والبيان. وكذلك قوله ø: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}(٧). وقوله: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}(٨). وقوله:
  {إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ}(٩). وقوله: {مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ}(١٠). وقوله: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}(١١) ...
  إلى غير ذلك مما يكثر ذكره. كل ذلك مما يدل على أن الهدى يراد به الدلالة والبيان.
  وقد ذكر ø الهدى بمعنى زيادة الهدى، فقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً}(١٢) وقال: {وَزِدْناهُمْ هُدىً وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ}(١٣) وقال:
  {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ}(١٤) والمراد بذلك أجمع:
  ما يفعله اللّه تعالى من الألطاف والتأييد، والخواطر، والدواعي. وإنما يوصف(١٥) ذلك بأنه هدى لأنه يحل محل الأدلة «في أنه(١٦) كالطريق لفعل الطاعة والباعث عليه.
(١) سورة البقرة: ٥.
(٢) سورة الانسان: ٣.
(٣) سورة البلد: ١٠.
(٤) سورة الشورى: ٥٢.
(٥) سورة الرعد: ٧.
(٦) سورة الأنبياء: ٧٣.
(٧) سورة الأعراف: ١٥٩.
(٨) سورة الإسراء: ٩.
(٩) سورة الجن: ٢.
(١٠) سورة الأحقاف: ٣٠.
(١١) سورة النحل: ١٦.
(١٢) سورة مريم: ٧٦.
(١٣) سورة الكهف: ١٣.
(١٤) سورة الأنعام: ١٢٥.
(١٥) د: وصف.
(١٦) ف: لأنه.