متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 63 - الجزء 1

  وقد ورد بمعنى نفس الثواب، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ ٤ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ}⁣(⁣١)، والمراد به الثواب، لأنه بعد القتل لا يجوز أن يراد به الإيمان، ولا نصب الأدلة، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ}⁣(⁣٢) فبين أن المراد بالهدى هو الثواب الذي وصفه آخرا.

  وقد يراد بالهدى أن يسلك به طريق الجنة والمنفعة، وهو الذي «أراده تعالى⁣(⁣٣) بقوله: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}⁣(⁣٤) على أحد التأويلين، لأن «المراد به: اسلك بنا⁣(⁣٥) طريق الجنة. وقد ذكر تعالى ذلك في طريق الجحيم على جهة التشبيه، فقال: {فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ}⁣(⁣٦). وقال ø في وصف الكفار: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ}⁣(⁣٧) والمراد بذلك الهدى بمعنى الأخذ بهم في طريق دون غيره، فبين أنهم مع كفرهم وظلمهم لا⁣(⁣٨) يأخذ بهم في طريق الجنة، ثم بين أنه يسلك بهم طريق الجحيم.

  فإن قال: فقد قال تعالى: {عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ}⁣(⁣٩) وهذا لا يمكن أن يحمل على ما ذكرتم: لأنه تعالى قد بين ودل، فلا يصح أن يقول نبي من أنبيائه: {عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي} وقد تقدم من اللّه الدلالة والبيان على سواء السبيل!


(١) سورة محمد: ٤ - ٥.

(٢) سورة يونس: ٩.

(٣) ف: أراد.

(٤) سورة الفاتحة: ٦.

(٥) ف: المراد يسلك بهم.

(٦) سورة الصافات: ٢٣.

(٧) سورة النساء: ١٦٨ - ١٦٩.

(٨) ساقطة من د.

(٩) قال تعالى في قصة موسى #:

{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ}. سورة القصص ٢٢.