[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وقد ورد بمعنى نفس الثواب، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ ٤ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ}(١)، والمراد به الثواب، لأنه بعد القتل لا يجوز أن يراد به الإيمان، ولا نصب الأدلة، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ}(٢) فبين أن المراد بالهدى هو الثواب الذي وصفه آخرا.
  وقد يراد بالهدى أن يسلك به طريق الجنة والمنفعة، وهو الذي «أراده تعالى(٣) بقوله: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ}(٤) على أحد التأويلين، لأن «المراد به: اسلك بنا(٥) طريق الجنة. وقد ذكر تعالى ذلك في طريق الجحيم على جهة التشبيه، فقال: {فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ}(٦). وقال ø في وصف الكفار: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ}(٧) والمراد بذلك الهدى بمعنى الأخذ بهم في طريق دون غيره، فبين أنهم مع كفرهم وظلمهم لا(٨) يأخذ بهم في طريق الجنة، ثم بين أنه يسلك بهم طريق الجحيم.
  فإن قال: فقد قال تعالى: {عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ}(٩) وهذا لا يمكن أن يحمل على ما ذكرتم: لأنه تعالى قد بين ودل، فلا يصح أن يقول نبي من أنبيائه: {عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي} وقد تقدم من اللّه الدلالة والبيان على سواء السبيل!
(١) سورة محمد: ٤ - ٥.
(٢) سورة يونس: ٩.
(٣) ف: أراد.
(٤) سورة الفاتحة: ٦.
(٥) ف: المراد يسلك بهم.
(٦) سورة الصافات: ٢٣.
(٧) سورة النساء: ١٦٨ - ١٦٩.
(٨) ساقطة من د.
(٩) قال تعالى في قصة موسى #:
{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ}. سورة القصص ٢٢.