متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 64 - الجزء 1

  قيل له: المراد بذلك الدلالة، لكنه أراد به أن يبين له بألطافه الطريق الذي قصده وتوجه إليه، فأما الدلالة على الدين فقد فعلها ø له ولغيره.

  وأما قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}⁣(⁣١) فالمراد به غير الدلالة والبيان، لأنه قد دلهم وبين لهم. والمراد به الثواب أو زيادة الهدى، على ما بينا.

  وقوله ø: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}⁣(⁣٢) كمثل، في أن المراد به الثواب وما شاكله، ولو أريد به البيان لما صح أن يقول فيه: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}⁣(⁣٣) ويقول فيه {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ}⁣(⁣٤) ويقول: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ}⁣(⁣٥).

  فأما تعلقهم بقوله تعالى: {وَزِدْناهُمْ هُدىً}⁣(⁣٦) على أن الهدى هو الإيمان، فإنما كان يتم لهم لو شهدت به «اللغة العربية ولم⁣(⁣٧) يحتمل الكلام سواه، وقد بينا أن المراد به أنه زادهم - لما آمنوا واتقوا - ألطافا وأدلة بعثهم بها على التمسك بالإيمان، وعلى هذا الوجه، قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ}⁣(⁣٨)، لأنه دعاه بذلك إلى الثبات على الإيمان، كما دعاه بضيق الصدر الذي أورثه الكافر إلى مجانبة الكفر والعدول عنه.

  فحصل من هذه الجملة أنه تعالى يهدى، بمعنى⁣(⁣٩): الدلالة والبيان وذلك عام في كل مكلف، لأنه كما عمهم بالتكليف فلا بد أن يعمهم بما يدل عليه، وإلا كان تكليفا بما لا يمكن أن يفعل.


(١) سورة الأحقاف: ١٠.

(٢) سورة القصص: ٥٦.

(٣) سورة الشورى: ٥٢.

(٤) سورة الرعد: ٧.

(٥) سورة التوبة: ٣٣.

(٦) سورة الكهف: ١٣.

(٧) ف. اللغة لم.

(٨) سورة الأنعام ١٢٥.

(٩) د. يعنى.