[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  قيل له: المراد بذلك الدلالة، لكنه أراد به أن يبين له بألطافه الطريق الذي قصده وتوجه إليه، فأما الدلالة على الدين فقد فعلها ø له ولغيره.
  وأما قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}(١) فالمراد به غير الدلالة والبيان، لأنه قد دلهم وبين لهم. والمراد به الثواب أو زيادة الهدى، على ما بينا.
  وقوله ø: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}(٢) كمثل، في أن المراد به الثواب وما شاكله، ولو أريد به البيان لما صح أن يقول فيه: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}(٣) ويقول فيه {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ}(٤) ويقول: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ}(٥).
  فأما تعلقهم بقوله تعالى: {وَزِدْناهُمْ هُدىً}(٦) على أن الهدى هو الإيمان، فإنما كان يتم لهم لو شهدت به «اللغة العربية ولم(٧) يحتمل الكلام سواه، وقد بينا أن المراد به أنه زادهم - لما آمنوا واتقوا - ألطافا وأدلة بعثهم بها على التمسك بالإيمان، وعلى هذا الوجه، قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ}(٨)، لأنه دعاه بذلك إلى الثبات على الإيمان، كما دعاه بضيق الصدر الذي أورثه الكافر إلى مجانبة الكفر والعدول عنه.
  فحصل من هذه الجملة أنه تعالى يهدى، بمعنى(٩): الدلالة والبيان وذلك عام في كل مكلف، لأنه كما عمهم بالتكليف فلا بد أن يعمهم بما يدل عليه، وإلا كان تكليفا بما لا يمكن أن يفعل.
(١) سورة الأحقاف: ١٠.
(٢) سورة القصص: ٥٦.
(٣) سورة الشورى: ٥٢.
(٤) سورة الرعد: ٧.
(٥) سورة التوبة: ٣٣.
(٦) سورة الكهف: ١٣.
(٧) ف. اللغة لم.
(٨) سورة الأنعام ١٢٥.
(٩) د. يعنى.