متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 121 - الجزء 1

  وليس ذلك مما يقوله القوم، ومتى تأولوه على وجه فقد زالوا عن الظاهر. ومن حمل ذلك على حقيقته فلا بد من أن يعترف فيه تعالى بأنه جسم مؤلّف مصوّر، وذلك يوجب فيه الحدوث، على ما قدمناه من قبل⁣(⁣١).

  والمراد بذلك عندنا: أن متحملى أمره يأتون على هذا الوجه، وقد بين ذلك في سورة النحل فقال: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ}⁣(⁣٢) ونبه بذلك على أنه ذكر نفسه في هذا الموضع وأراد أمره، ولو صح حمل ذلك على ظاهره لوجب مثله في قوله تعالى: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ}⁣(⁣٣) وفيما شاكله من آي التشبيه.

  ٦٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعد ذلك ما يدل على أنه المزيّن للكفر وغيره، فقال: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا}⁣[٢١٢] وهذا هو الذي نقول.

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يدل على أن ذلك زيّن، ولم يذكر الفاعل له، وقد بينا أن ذكر الفعل مع حذف ذكر الفاعل لا يدل على من الفاعل في الحقيقة⁣(⁣٤).

  وبعد، فإن ظاهره يدل على أنه زيّن لهم الحياة، ولا يمتنع أن يزيّن للانسان أحوال الدنيا، وما يوجب امتداد حياته؛ لأن ذلك قد يكون من المباحات.


(١) انظر الفقرة: ٢٣.

(٢) سورة النحل: ٣٣.

(٣) سورة النحل: ٢٦.

(٤) انظر الفقرة: ٤٥.