متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 122 - الجزء 1

  والمراد بذلك عند شيوخنا رحمهم اللّه، أن الكفار هم الذين زينوا لأنفسهم، وزين بعضهم لبعض، وزين الشيطان ذلك، ولذلك قال من بعد: {وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}⁣(⁣١)، وذلك يدل على أنهم زينوا ما هم عليه، وأنه من شدة تمسكهم بهذه الأمور سخروا من الذين آمنوا واتقوا وتهاونوا بهم، من حيث زهدوا في الدنيا وقلّ ركونهم إليها⁣(⁣٢) وتمسكهم بأحوالها.

  ٦٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعد ذلك ما يدل على أنه خصّ المؤمن بالهدى دون غيره، فقال: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ}⁣(⁣٣).

  والجواب عن ذلك: قد تقدم أنا قد بينا أن تخصيصه المؤمن بأنه هداه لا يدل على أنه لم يهد غيره⁣(⁣٤)، وإنما خصه؛ لأنه الذي انتفع بالهدى دون غيره، «وبينا أنه قد⁣(⁣٥) يخص المؤمن بالهدى الذي هو بمعنى الثواب، أو طريقه المؤدى إليه، إلا أن المراد في هذا الموضع: الدلالة، ولذلك قال تعالى: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} ولذلك علق الهدى بالحق فيما اختلفوا فيه.

  ٦٨ - دلالة⁣(⁣٦): وقوله ø: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ}⁣(⁣٧) يدل على أنه لم يشأ إعناتهم؛ لأن هذه اللفظة إذا دخلت في الكلام أنبأت عن


(١) من تتمة الآية السابقة: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ...} الآية.

(٢) ساقطة من د.

(٣) من الآية ٢١٣، وبعده: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

(٤) انظر الفقرة: (١٦)، والفقرة: (٥٧).

(٥) د: وقد بينا أنه.

(٦) ساقطة من: ف.

(٧) من الآية: ٢٢٠.