[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  والمراد بذلك عند شيوخنا رحمهم اللّه، أن الكفار هم الذين زينوا لأنفسهم، وزين بعضهم لبعض، وزين الشيطان ذلك، ولذلك قال من بعد: {وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}(١)، وذلك يدل على أنهم زينوا ما هم عليه، وأنه من شدة تمسكهم بهذه الأمور سخروا من الذين آمنوا واتقوا وتهاونوا بهم، من حيث زهدوا في الدنيا وقلّ ركونهم إليها(٢) وتمسكهم بأحوالها.
  ٦٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعد ذلك ما يدل على أنه خصّ المؤمن بالهدى دون غيره، فقال: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ}(٣).
  والجواب عن ذلك: قد تقدم أنا قد بينا أن تخصيصه المؤمن بأنه هداه لا يدل على أنه لم يهد غيره(٤)، وإنما خصه؛ لأنه الذي انتفع بالهدى دون غيره، «وبينا أنه قد(٥) يخص المؤمن بالهدى الذي هو بمعنى الثواب، أو طريقه المؤدى إليه، إلا أن المراد في هذا الموضع: الدلالة، ولذلك قال تعالى: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} ولذلك علق الهدى بالحق فيما اختلفوا فيه.
  ٦٨ - دلالة(٦): وقوله ø: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ}(٧) يدل على أنه لم يشأ إعناتهم؛ لأن هذه اللفظة إذا دخلت في الكلام أنبأت عن
(١) من تتمة الآية السابقة: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ...} الآية.
(٢) ساقطة من د.
(٣) من الآية ٢١٣، وبعده: {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
(٤) انظر الفقرة: (١٦)، والفقرة: (٥٧).
(٥) د: وقد بينا أنه.
(٦) ساقطة من: ف.
(٧) من الآية: ٢٢٠.