متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 123 - الجزء 1

  خلاف ما يأتي بعدها، فإن جاء بعدها إثبات فالمراد النفي، وإن جاء النفي⁣(⁣١) فالمراد الإثبات، ولذلك لا يجوز أن يقول أحدنا: لو كان زيد عندنا لأكلنا⁣(⁣٢) إلا وزيد ليس عنده، فإذا صح ذلك دل ظاهر الكلام على أنه تعالى لم يشأ⁣(⁣٣) إعناتهم، ولو كان قد أراد الكفر وسائر المعاصي لكان قد شاء ذلك لا محالة.

  والإعنات: هو ما يؤدى إلى المضرّة على وجه مخصوص، فإذا كان عندهم أنه تعالى قد أراد جميع ما يقع من ذلك، فكيف يصح أن ينفى أن يكون شائيا له؟ وهذا يدل على نفى المشيئة من كل وجه؛ لأن هذا حق الكلام إذا دل على النفي.

  ولا يجرى مجرى قوله تعالى: {وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ}⁣(⁣٤) وإلى ما شاكله؛ لأن ذلك في الإثبات إنما يدل على أنه قد شاء، ولا يستغرق جميع وجوه المشيئة، وهذا بيّن في اللغة في الفرق بين النفي والإثبات.

  ٦٩ - دلالة لنا: وهو قوله ø: {أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ}⁣(⁣٥) يدل على أنه إنما⁣(⁣٦) أراد من عباده ما يؤديهم⁣(⁣٧) إلى الجنة؛ لأن الدعاء إنما يفارق التهديد دون غيره؛ لأن لداعى يريد ما دعا إليه، ولا يفارقه بالصيغة؛ لأنها قد تكون واحدة.

  ٧٠ - وقوله تعالى: {وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يدل على أنه


(١) ساقطة من: د.

(٢) ساقطة من د.

(٣) د: يرد.

(٤) سورة الإنسان: ٣٠، التكوير: ٢٩. وفي الأصل: يشاءون.

(٥) من الآية: ٢٢١، وبعده: {... بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.

(٦) ساقطة من: ف.

(٧) د: ما يدعوهم.