[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ذلك من قبله لم يكن لهم فيه فضل(١)، ولما لحقهم المشقة بالصبر، ولما اختصوا بالظفر والنصرة، بل كان يجب أن يكون تعالى نصر بعضا على بعض بفعل(٢) يفعله في الفريقين.
  ٨٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعد ذلك ما يدل على أنه تعالى يريد القتال الواقع بين الكافر(٣) والمؤمن، فقال: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ}(٤).
  والجواب عن ذلك: أن ظاهر قوله: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ}، إنما يدل على أنه لم يشأ ذلك، ولا يدل على أنه قد شاء خلافه.
  والمراد بذلك «عند شيخنا أبى على |(٥)، أنه لو شاء أن لا يجعلهم بصفات المكلفين ما اقتتلوا؛ لأن ذلك إنما يقع منهم على هذا الحد، إذا كانوا مكلفين وعلى ذلك قادرين. ثم قال: {وَلكِنِ اخْتَلَفُوا} بعد التكليف، فمنهم من آمن ومنهم من كفر {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} يعنى لو شاء أن يمنع من ذلك بالنهى وإزالة التكليف في باب القتال لم يقتتلوا؛ لأن المعلوم من حالهم كان ذلك. {وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ} بأن يكلّف بحسب ما يعلم من المصالح.
  وأما غيره فقد قال: إن المراد بذلك أنه لو شاء أن يلجئهم أو يمنعهم من
(١) ف: فضيلة.
(٢) ساقطة من د.
(٣) في د: الكفر.
(٤) من الآية: ٢٥٣.
(٥) د: عندنا ما ذكره شيخنا أبو علي |.