متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 130 - الجزء 1

  القتال لم يقتتلوا، لكنه لم يشأ ذلك بل مكّن وأقدر وأمر؛ لكي يستحق المكلف الثواب إذا اختار الطاعة على المعصية⁣(⁣١). فإن قالوا: إن أراد اللّه تعالى مقاتلة المؤمن الكافر فيجب أن يكون مريدا لمقاتلة الكافر [المؤمن]؛ لأن ذلك لا يتم إلا بهذا!.

  قيل له: ليس بواجب إذا أراد ما عنده يقع غيره، أن يكون مريدا لذلك الغير؛ لأن أحدنا قد يريد من غيره المداواة وإن لم يرد ما يحدث عنده من الآلام ويريد دعاء الغير ومناظرته في باب الدين، وإن لم يرد منه الرد الذي لا يتم إلا بهذا الدعاء!.

  ٨١ - وقوله ø: {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ}⁣(⁣٢) يدل على أن المحرّم ليس برزق من اللّه تعالى؛ لأنه قد نهاه عن الإنفاق منه وحظره عليه، ومنعه أشد منع بالزجر والتخويف⁣(⁣٣).

  ٨٢ - دلالة: وقوله ø: {اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ}⁣[٢٥٥] وتنزيهه نفسه عن أن تأخذه السّنة والنوم، يدل على أنه ليس بجسم؛ لأن الحي إذا كان


(١) هذا الرأي نسبه في المغنى إلى شيوخه، وقال بعد أن ذكر جملة من آيات المشيئة إنهم قد «بينوا أن المراد بجميع ذلك مشيئة الإلجاء والاضطرار». وعلى ما ذكر هنا يخرج شيخه أبو علي من القائلين بهذا الرأي، مع أن نسبته إلى شيوخه بعامة قد توهم أن على رأسهم أبا على.

انظر: المغنى: ٦ / م: ٢ / ص: ٢٦٢ فما بعدها.

(٢) قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ ...} الآية، سورة البقرة: ٢٥٤.

(٣) راجع الفقرة: ٣٦، وتعليقنا عليها.