[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  لما بيناه، لا لما ذهبوا إليه(١).
  ٨٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعده ما يدل على أنه الذي خلق الإيمان في المؤمن فقال: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ}(٢) فإذا كان تعالى هو المخرج لهم من الكفر إلى الإيمان فذلك فعله.
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أن المؤمن الذي يثبت كونه مؤمنا يخرجه تعالى من الكفر إلى الإيمان، وذلك يتناقض؛ لأن إخراجه من الكفر إلى الإيمان يجب أن يكون قد تقدم، وظاهر قوله: {يُخْرِجُهُمْ} يقتضى الاستقبال فحمله على من ثبت كونه مؤمنا لا يصح، وظاهره يقتضى أنه يخرجه تعالى من ظلمة إلى نور، واستعمالها(٣) في الإيمان والكفر مجاز، فلا ظاهر له إذا فيما تعلقوا به، ولا فرق بين من حمله على الكفر والإيمان، وبين من(٤) حمله على الجنة والنار، فقال: إن الذين آمنوا يخرجهم تعالى عن طريق النار الذي هو ظلمات إلى طريق الجنة الذي هو النور.
  ثم يقال للقوم: إن دلت الآية على ما قلتم، فيجب أن تدل على أن الطاغوت
(١) قال ابن حزم: «وكل فاضل في طبقته فإنه ينسب إلى اللّه ø، كما نقول؛ بيت اللّه، عن الكعبة، والبيوت كلها بيوت اللّه تعالى، ولكن لا يطلق على شيء منها هذا الاسم كما يطلق على المسجد الحرام، وكما نقول في جبريل وعيسى @: روح اللّه، والأرواح كلها للّه ø ملك له، وكالقول في ناقة صالح #: ناقة اللّه، والنوق كلها للّه ø».
الفصل: ٢/ ١٦٧ - ١٦٨.
(٢) من الآية؛ ٢٥٧، وتتمتها: {... وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.
(٣) أي هذه الجملة من الظلمة والنور.
(٤) ساقطة من د.