[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  فأما الإسلام فمتى وقع كرها فإنه لا يستحق به الثواب، وهو تعالى إنما كلف ذلك تعريضا للمنفعة، فلا يجوز أن يقع إلا على طريقة الاختيار.
  ١١٣ - دلالة: وقوله ø: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ...} الآية [٧٨]، يدل على أن فعل العبد ليس من خلق اللّه؛ لأنه تعالى نفى(١) في تحريفهم وفي ليهم ألسنتهم أن يكون من عنده تعالى، وأن يكون من الكتاب. وقد بينا أن أقوى ما يضاف إلى الغير هو أن يكون فعلا له(٢)، فلا يجوز - واللّه خالق ذلك - أن ينفى أن يكون من عنده.
  ولا يمكن أن يحمل قوله ø: {وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} على(٣) أنه أريد به ليس مما أنزله؛ لأن ذلك قد دل عليه بقوله: {وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ} فيجب أن يكون المراد به غير المراد بنفيه أن يكون من الكتاب.
  وحقق تعالى ما ذكرناه بقوله: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(٤) فبين أن ما ذكروه كذب(٥) من أنه في الكتاب ومن أنه من عنده تعالى، وبين أنهم يعلمون ذلك؛ لأن هذه الفرقة كانت معاندة مكذبة مع العلم والبصيرة، وإن كان فيهم من يشك في نبوته صلّى اللّه عليه في صحة ما أتى به.
(١) ساقطة من د.
(٢) راجع الفقرة ٤٢ وانظر الفقرتين ٨٤، ٩٨.
(٣) ساقطة من د.
(٤) تتمة الآية السابقة: ٨٧.
(٥) ساقطة من د.