متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 149 - الجزء 1

  ١١٤ - ومن عجيب أمر القوم أن عندهم أنه تعالى هو يلبس الحق بالباطل ويفعل الشبه، بل هو الذي يضل، وهو يقول جل وعز: {يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ}⁣(⁣١) ومعلوم في الشاهد أنه لا يصح ممن الفساد كله من قبله أن يوبخ غيره على بعضه، وهو الذي أدخله فيه واضطره إليه. وهذا كقوله ø: {فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}⁣(⁣٢) [في] أنه يدل على أنه ø لم يمنع من الإيمان، وإلا كان هذا القول لغوا.

  ومن وجه آخر، وهو أن الشبه⁣(⁣٣) إنما يجوز ورودها مع القول بالاختيار، فأما إذا كان تعالى هو الذي يفعل اعتقاد الباطل في⁣(⁣٤) المبطل، فسواء وردت الشبهة أو لم ترد فالحال واحدة، وإن فعل فيه تعالى اعتقاد الحق فكمثل. فأي تأثير للبس الحق بالباطل على هذا القول؟ وإنما يتم ذلك على ما نقول من حيث قد يختار المكلف عنده، لدخول الشبهة، ما لولاه ما كان يختاره.

  وبعد، فكتمان الحق، على مذهبهم، وإظهاره بمنزلة، فلا وجه للنهي عنه لأنه تعالى إن خلق في العبد الحق فالكتمان لا يضر، وإن خلق فيه الباطل فالكتمان والإبداء بمنزلة.

  ١١٥ - دلالة: وقوله ø: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}⁣(⁣٥) يدل على أن الدين هو الإسلام و [أن] الإيمان والإسلام


(١) آل عمران: ٧١، وتتمة الآية: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

(٢) في د {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}.

(٣) ف: الشبهة.

(٤) ف: على.

(٥) من الآية ٨٥.