متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 151 - الجزء 1

  {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ} بمعنى: كيف يثيبهم ويسلك بهم طريق الجنة، مع أن كلمة العذاب قد حقت عليهم لكفرهم.

  وقوله تعالى {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} يدل أيضا على ذلك، لأنه خص الظالم بأنه لا يهديه، فالمراد به الثواب «أو طريق الجنة، على ما بيناه. ولذلك قال بعده: {أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ} فبين أن جزاءهم الإبعاد من الثواب⁣(⁣١) والخير فكيف يهدون لهما؟

  ١١٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن التوبة لا يجب قبولها، وأنه متفضل بذلك «وله أن يمنع منها⁣(⁣٢)، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ}⁣(⁣٣) {ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ}⁣[٩٠].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهر قوله: {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} لا يدل على أن التوبة على أي وجه وقعت، وقد تقع عندنا على وجه لا يجب قبولها؛ لأن المعاين إذا حضره الموت وحصل مضطرا إلى معرفة اللّه تعالى، لا تقبل توبته، كما قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}⁣(⁣٤) ولذلك⁣(⁣٥) لا تقبل توبة أهل النار لما كانوا ملجئين إلى أن لا يفعلوا القبيح، ولذلك لا يلزم المساء إليه أن يقبل الاعتذار من العاجز عن إساءته.


(١) ساقط من د.

(٢) في د: أن يمنع منهما.

(٣) سقط من النسختين قوله بعد إيمانهم.

(٤) من الآية: ١٨ في سورة النساء.

(٥) د: وكذلك.