متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 152 - الجزء 1

  فإذا صح ذلك، فمن أين أنه تعالى لا يقبل توبتهم وقد وقعت على الوجه الذي يجب قبولها!، وظاهر الكلام - على ما بيناه - لا يدل على ذلك؛ لأنه أضاف التوبة إليهم، وهي لا تقع منهم على كل وجه يصح وقوعها، فادعاء العموم في جهاتها لا يصح.

  ويجوز أن يكون المراد بذلك أن التوبة المتقدمة لا تقبل، وقد ازدادوا الآن كفرا، ليتبين بذلك أن التوبة وقعت محبطة بالكفر الذي وليها، وأنها إنما تنفع⁣(⁣١) إذا استمر التائب على الصلاح⁣(⁣٢). وبين أنه تعالى إذا لم يقبل توبتهم وقد ازدادوا كفرا، فهم ضالون؛ لأن العقاب - على ما بينا - هو الضلال والهلاك.

  ١١٨ - وقوله تعالى بعده: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ}⁣[٩١] يدل على أن المراد ما قدمنا، من أن من مات على كفره لا توبة له، ولا يقبل منه الفداء.

  ١١٩ - دلالة: وقوله ø بعد ذلك: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}⁣[٩٧] يدل على أن القدرة قبل الفعل؛ لأنه تعالى بين أن الحج على المستطيع، وقد ثبت وجوبه قبل الدخول فيه؛ لأن من ليس بحاج يجب أن يدخل فيه، فإذا صح ذلك فيجب أن تكون الاستطاعة للحج حاصلة لمن لم يحج، وفي هذا صحة ما نقول من أنها متقدمة للفعل⁣(⁣٣)، وأن الكافر والعاصي يقدران على الإيمان والطاعة.


(١) د: تقع.

(٢) انظر الفقرة: ٧٧ والفقرة: ١٦٠ مع التعليق.

(٣) ف: في الفعل.