[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  فإن قال: المراد به الزاد والراحلة، لقوله صلّى اللّه عليه - وقد سئل عن ذلك - إن الاستطاعة الزاد والراحلة(١).
  قيل له: إن قيام الدلالة على أنهما قد أريدا بالاستطاعة لا يمنع من أن تكون الحقيقة مرادا، وإنما بين صلّى اللّه عليه أن القادر ببدنه لا يلزمه ذلك حتى ينضاف إليه وجود الزاد والراحلة.
  فإن قال: كيف يجوز أن يراد الحقيقة والمجاز بالكلمة الواحدة؟
  قيل له: ذلك لا يمتنع عندنا إذا دل الدليل عليه(٢).
  وبعد، فكيف يجوز أن يشترط وجودهما في لزوم الحج ولا تكون القدرة شرطا؟ مع أنها إن وجدت صح فعل الحج، وإن وجدا دونها لم يصح وكان وجودهما كعدمهما؟ وكيف يصح أن يخفف تعالى هذا التكليف فلا يلزمه إلا مع وجودهما، وقد يلزم ذلك من لا يقدر البتة؟ وهل هذا القول إلا بمنزلة من امتن على غيره بسلوك طريق بأن(٣) أوضح له الطريق وإن كان لم يقدره على سلوكه،
(١) عن أنس بن مالك أن النبي ﷺ سئل في قوله ø: {مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} فقيل: يا رسول اللّه ما السبيل؟ «قال: (الزاد والراحلة). رواه الدار قطني وانظر في تصحيح الحديث وما قال فيه العلماء: نيل الأوطار للشوكاني ٤/ ١٦٨ - ١٦٩ / الطبعة التي بهامشها عون الباري للقنوجي.
(٢) اختلف الأصوليون حول جواز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازى معا في إطلاق واحد، فذهب الشافعي وعامة أهل الحديث وبعض المتكلمين إلى جواز ذلك لعدم المانع منه، ولجواز استثناء أحد المعنيين بعد استعمال اللفظ فيهما، ومنعه الحنفية وجمهور المتكلمين لعدم وروده في اللغة، ولأن استعمال اللفظ في حقيقته يقتضى عدم القرينة الصارفة عنها، واستعماله في مجازه يوجبها، وهما متنافيان.
راجع: أصول التشريع الإسلامي، للأستاذ على حسب اللّه ص: ٢٢٣ - ٢٢٤ الطبعة الثالثة.
(٣) ساقطة من د.