متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 154 - الجزء 1

  بل أعجزه عنه. وقد علمنا أن تأثير الزاد والراحلة إنما هو على وجه التبع للقدرة، وكيف يشترطان ولا يعتبر بالقدرة.

  وإنما سأل أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه عما لا يدل عليه الظاهر؛ لأنهم كانوا يعقلون من الاستطاعة «القدرة فاستغنوا⁣(⁣١) فيها عن المسألة، ورأوا بأن أركان الدين، مما يحتاج فيه إلى سفر، لا يلزم إلا مع المال، فسألوه صلّى اللّه عليه وأجاب بذكر الزاد والراحلة، ليتبين أن هذا كالجهاد وغيره في سقوطه عن الفقراء.

  وبعد، فان الزاد والراحلة إنما «يصح أن⁣(⁣٢) لهما تأثيرا على قولنا إن الإنسان يقدر على الحج وتركه فيستعين بهما⁣(⁣٣) على الحج، فأما على قولهم فحاله لا يخلو من وجهين: إما أن يفعل فيه قدرة الحج فلا بد من كونه حاجا ولو عدم الزاد والراحلة، أو لا يوجد فيه، فلا بد من أن يكون غير حاج ولو ملك الدنيا، فأي تأثير لهما على قولهم؟!.

  ١٢٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن من ليس بكافر لا يدخل النار⁣(⁣٤)، فقال: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ


(١) د: والقدرة فاستفتوا.

(٢) ساقط من د.

(٣) ساقطة من ف.

(٤) وفي هذا نفى القسم الثالث من الناس، وهم الفساق من أهل القبلة، حيث حكم عليهم الخوارج بالكفر والخلود في النار، وهذه - الآية مما استدلوا به على مذهبهم، وقد قالوا فيها لقد بين تعالى أن مسودى الوجوه إنما هم الكفرة، ولا إشكال في أن الفساق من مسودى الوجوه! فيجب أن يكونوا كفرة!

راجع: شرح الأصول الخمسة: ٧٢٢ - ٧٢٣.